ثانوي غير جدي خالص، وفي بحر قصير من بحور الترنم، ولا مدفع أن الجد الخالص هو أسمى ما يسمو إليه الشعر.
ولعلك تقول بعد هذا: لماذا لا أجعل مسمطاتي من ستة أبيات أو خمسة أو سبعة أو عشرة، فهذا خير من تنويع القوافي في الأشطار والإتيان بها على زخرف خاص؟ وجوابي عن هذا هو أن القافية التي تلتزم في سته أبيات أو عشرة، كالقافية الموحدة من حيث العسر. والذي يعيب القافية الموحدة في عشرين بيتًا أو ما دون ذلك أو فوقه، ويزعم أنها قاتلة للمواهب مضيقة على الشاعر، فإنه لا شك يعيب القافية التي تُلتزم في الستة أو العشرة من الأبيات بمثل ذلك. وإلا فإنه يكون قد رجح ناحية "الكم" على ناحية "الكيف" وهذا سقم في التفكير. - (أعني "كم" العسر و"كيفه").
والمسِّمط الذي يريد التسميط حقًّا، لا يلتزم في القافية في أكثر من أربعة أبيات، لأنه سمط فرارًا من التزامها في أبيات كثيرة، وحتى التزام القافية في أربعة أبيات فما دونها فيضطر إلي ينصرف عنه إلى الزَّخرفة. وليس هذا بمجرد افتراض، فبعندنا من الموشحات أمثله كثيرة وأدله قوية تؤيد ما نذهب إليه. وإذا تتبعت تاريخ الموشحات وجدتها بدأت بطراز سهل من بحر الرمل، وبنوع من التسميط رشيق، كما في منظومة ابن الخطيب "جادك الغيث" ومنظومة ابن المعتَزّ "أيها الساقي"، ثم جعلت أنواع الموشحات تكثر، وزخارفها تزيد، حتى تعدت مجرّد الزخرفة اللفظية، إلى الزخرفة الخطية- أعني بالزخرفة الخطية أن يكون رسم الموشحة على الورق ذا أشكال هندسية منتظمة. وهاك أمثالا من الموشحات القديمة:
قال ابن سناء الملك (المستطرف للأبشيهي مصر ١٩٤٢ - ٢ - ٢٣٨):