فأغلبه في صنعة الزاد أنني ... أميط الأذى عنه وما إن يهلل
وقد رجع أبو الطيب عن هذه الأمنية في قوله المشهور كما تعلم:
ومن جعل الضرغام بازًا لصيده ... تصيده الضرغام فيما تصيدا
وقد خلصت لأبي الطيب قصائد في الشكوى وقطع لا يخالطهن مدح منها ميمية الحمى:
ملومكما يجل عن الملام ... ووقع فعاله فوق الكلام
وكان الطبيب البارع التيجاني الماحي (١) رحمه الله تعجبه هذه الميمية ويطيل تأمل صفة الحمى فيها ويقول هي الملاريا- ونسميها بدارجتنا الوردة (أي الورد) ويستحسن قول الأخنس بن شهاب التغلبي:
ظللت بها أعرى وأشعر سخنة ... كما اعتاد محمومًا بخيبر صالب
وقول عبدة بن الطبيب:
رس كرس أخي الحمى إذا غبرت ... يومًا تأوبه منها عقابيل
وكان رحمه الله يقول إن مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفى فيه ما كان إلا الورد، فالله أعلم أي ذلك كان وصلى الله على نبينا أفضل صلاة وتسليم وعلى آله وصحبه أجمعين، ورحم الله التيجاني الماحي، أدبيا وعالمًا وطبيبًا، رحمة واسعة أنه سميع مجيب.
(١) () وكان كبير الأطبة النفسانيين بالخرطوم وأستاذ الاختصاص بجامعة الخرطوم وكان عضو مجلس السيادة سنة ١٩٦٤ وله كتاب تاريخ الطب العربي وكان عالمًا أدبيًّا ومن أولي الألباب رحمه الله تعالى.