للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يدل على أنه كان من أصحاب الترنم. ومذهب البحتري في الإيقاع جلي. وكان أبو الطيب يترنم شعره وهو يصوغه وزمانه بعد زمان ابن طباطبا كما تعلم. ومذهب الشريف من مذهب ابن طباطبا قريب وقد فضله الثعالبي عليه وعلى سائر الطالبين ولكنه لم يزده في باب التفضيل على ذلك، وأسلوب الخطابة الفخمة أغلب عليه، فهل كان يصوغ ما ينظمه خطبًا اول الأمر؟ أم لم يتهمه بعضهم بأن الذي في نهج البلاغة إنما انتحله هو على الإمام كرم الله وجهه- وهو جيد كما لا يخفى.

لم تكن المقامة لتسد بتصنيع نثرها ونظمها مسد القصيدة المحكمة، ولا ما نظم من منظومات على طريقة وصف الشمعة أو التزامات أبي العلاء. أو حتى درعياته. كل ذلك متعة وأنس وطريف يستملح ونادرة يعجب لها من يعجب. ولكنه ليس بالشعر الذي يلج على القلب وتتغذى بغذائه الروح:

كرقي الأساود والأراقم طالما ... نزعت حمات سخائم وحقود

أو كما قال أبو الطيب:

وما قلت من شعر كأن سطوره ... إذا كتبت يبيض من نورها الحبر

فذلك النور يشع على الأفئدة التي في الصدور.

مع قسم جار الله العظيم لم تكن المقامة هي العلاج الناجح.

لذلك ألفى شعر الجد قلوبًا مستجيبة صاغية- رائية ابن عبدون ونونية صالح بن شريف كلتاهما شعر جاد. ورام ابن الأبار كسبيلهما في كلمته:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا .. ز إن السبيل إلى منجاتها درسا

<<  <  ج: ص:  >  >>