ولا يخفى أن هذه القسمة تتضمن عنصرًا من الرغبة المريضة أن ينتسب الناس إلى أوروبا وحضارتها وأن يكونوا امتدادًا منها وجزءًا لا يتجزأ. الأوربيون يؤرخون عصورهم هكذا:
(١) العصر الكلاسيكي وينتهي بسقوط رومة سنة ٤٧٦ م.
(? ) العصر المظلم من ٤٧٦ م إلى القرن التاسع الميلادي.
(? ) العصر الأوسط من القرن التاسع الميلادي إلى القرن الخامس عشر الميلادي.
(٤) النهضة القرن الخامس عشر إلى القرن السادس عشر الميلادي.
(٥) العصر الحديث، القرن السادس عشر الميلادي.
فالحافظون بيت الشاعر وهو السهروردي:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح
أو معناه، شبهوا سقوط بغداد سنة ٦٥٦ هـ (١٢٥٨ م) بسقوط رومة. ثم ران الظلام. ثم جاءت النهضة. ثم ها نحن أولاء في العصر الحديث.
والتأريخ الإسلامي والعربي معًا يكذبان هذه التصنيف الخاطئة لعصورنا.
لقد كان أخذ التتار بغداد وإخراجهم لها كارثة.
ولكنه قد قامت بعد بغداد دول إسلامية قويات. وامتدت رقعة الإسلام. ونبغ فيها العلماء والأدباء. ما بني التاج محل ولا مراصد سمرقند إلا بعد سقوط بغداد. وازدهر الإسلام. بتمبكتو في القرن التاسع والعاشر الهجري. وازدهرت بلاد المغرب بالمعارف والعلوم وضروب ما ينسب إلى الحضارة وتنسب الحضارة إليه من القرن الخامس إلى أن تغلبت أوربة بدفعة الاستعمار في القرن الماضي الميلادي. وانتشر الإسلام في بلاد جاوة والماصين وقرع العثمانيون أبواب فينا بصلاصل الحديد.
وفي هذا العصر الذي يقال له عصر الانحطاط برز السيوطي وابن حجر وابن تيمية وابن القيم وابن الخطيب وابن خلدون وهذا بعد باب واسع.
وفي الشعر كان في هذه الفترة شعراء المديح النبوي المفلقون. وهؤلاء أهملهم المستشرقون عمدًا وهم في ذلك معذورون. من يلوم مستشرقًا على ألا يؤرخ لمن يقول:
جاء المسيح من الإله رسولًا ... فأبي أقل العالمين عقولًا
قوم رأوا بشرًا كريمًا فادعوا ... من جهلهم لله فيه حلولًا
ولكن المسلمين غير معذورين إذ أهملوا درس هذا الشعر. ونحن ها هنا إنما نريد أن ننبه على مكانه. ثم هو جزء جوهري من تأريخ الشعر العربي، إهماله خطأ في باب الدرس