للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأنصار فمع ما قدمناه من أن شعرهم جزء لا يتجزأ من شعر العرب في أول الإسلام فإنه كان مختلفًا عن شعر الأيام والنقائض والمفاخرات بأنه كان ملتزمًا بالقرآن والدعوة -كقول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

إني تفرست فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أن ما خانني البصر

أنت النبي ومن يحرم شفاعته ... يوم الحساب فقد أزرى به القدر

فثبت الله ما أتاك من حسن ... تثبت موس ونصرًا كالذي نصروا

ومما ينسب إلى حسان رضي الله عنه:

نبي أتانا بعد يأس وفترة ... من الرسل والأوثان في الأرض تعبد

فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا ... يلوح كما لاح الصقيل المهند

وأنذرنا نارًا وبشر جنة ... وعلمنا الإسلام فالله نحمد

وأنت إله الخلق ربي وخالقي ... بذلك ما عمرت في الناس أشهد

تعاليت رب الناس عن قول من دعا ... سواك إلاهًا أنت أعلى وأمجد

وقد اضطر شعراء قريش والمشركين إلى مواجهة الدعوة بما ينقضونها به. وقد نهى الإسلام في أيام بدئه عن رواية أشعارهم، ثم لما ضرب الإسلام بجران تذوكر منها، من ذلك فإن مثلًا مما قيل في رثاء قتلى بدر (وقد مر الاستشهاد به أو ببعضه وهو من الرثاء المبدوء بنوع من النسيب):

ألمت بالتحية أم بكر ... فحيوا أم بكر بالسلام

ألا يا أم بكر لا تكري ... على الكأس بعد أخي هشام

وبعد أخي أبيه وكان قرمًا ... من الأقوام شراب المدام

فجعل شرب المدامة فضيلة وكان الإسلام آنئد قد ذمها إلا أنها لم تحرم إذ قيل هذا الشعر وحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه حي وببدر فعل بالقوم الأفاعيل.

ألا من مبلغ الرحمن عني ... بأني تارك شهر الصيام

فإن صح هذا البيت له فقد جاء بالرحمن سخرية ومغايظة - قال تعالى: {هم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب} - وكان رمضان قد فرض

<<  <  ج: ص:  >  >>