والآن قد أكملتها في مدحه ... مقصورة يقصر عنها من خلا
ثم بعد أربعة أبيات من هذا الضرب جاء بتسعة قبل الألف فيهن راء ثم بسبعة قبل الألف فيهن دال.
وفي المقصورة أبيات حسان، وهي طويلة تدل على تمكن من اللغة واقتدار على النظم، وقد فخر في أوائلها فقال وذكر شوقه إلى وطنه:
لولا اشتياقي لديار كرمت ... لبعدها يرثى لنا من قد رثى
ومدح من أرجو بأمداحي له ... إصلاح ما قد عاث مني وعثى
عني الرسول عليه الصلاة والسلام:
لم أجعل الشعر لنفسي خلة ... ولم يجش فكري به ولا غثا
يا ضيعة الألباب في دهر غدا ... فيه فتيت المسك يعلوه الخثى
أي بعر البقر- ثم يقول:
أنا الفتى لا يطبيني طمع ... فأبذل الوجه لنيل يرتجي
لا أسأل النذل ولو أني به ... أملك ما حاز النهار والدجى
حسبي بنو عبد مناف بهم ... يغنى من استغنى وينجو من نجا
فإن يكن عنى ببني عبد مناف آل البيت فيجوز أن يكون مراده بني هاشم وبني المطلب، على أنه لو قال بنو هاشم ويمكن أن يستقيم بذلك الوزن كأن يقول مثلًا «إذ هم بهم» لفهم أن بني المطلب متضمنون فيهم، وإن يكن عنى كل بني عبد مناف فقد دخل فيهم بنو أمية، ولعله كان لهم بحكم أندلسيته ذا هوى-
ومما فيه أنفاس أندلسية قوله في مقدمة النسيب:
يا رب ليل قد تعاطينا به ... حديث أنس مثل أزهار الربا
في روضة تعانقت أغصانها ... إذ واصلت ما بينها ريح الصبا
نادمت فيها من بني الحسن رشا ... يصبو له من لم يكن قط صبا
أيام كان العيش غضا حسنه ... عذب الجنى ريان من ماء الصبا
أي زمان ومحل للمنى ... ما ضاق مغناه بنا ولا نبا
ومن جيد مدحه للمصطفى عليه الصلاة والسلام:
صلى عليك الله يا من جاهه ... يوم الحساب ملجأ لمن عصى
يا من جرى من كفه الماء ومن ... حن له الجذع وسبح الحصى