بالألف ابتدينا وما غبينا ... وهلم جرا
ومن أغرب أنواع الالتزام صنيع ابن جابر الأندلسي في رائية نسجها على روي أبي قردودة:
يا جفنة كإزاء الحوض قد هدموا ... ومنطقًا مثل وشى اليمنة الحبرة
فجاء فيها بسور القرآن تباعًا، قال في أولها:
في كل فاتحة للقول معتبرة ... حق الثناء على المبعوث بالبقرة
في آل عمران قدمًا شاع مبعثه ... رجالهم والنساء استوضحوا خبره
قد مد للناس من نعماه مائدة ... عمت فليست على الأنعام مقتصرة
أعراف نعماه ما حل الرجاء بها ... إلا وأنفال ذاك الجود مبتدرة
به توسل إذ نادى بتوبته ... في البحر يونس والظلماء معتكرة
هود ويوسف كم خوف به أمنا ... ولن يروع صوت الرعد من ذكره
مضمون دعوة إبراهيم كان وفي ... بيت الإله وفي الحجر التمس أثره
وهكذا حتى يقول:
والكافرون إذا جاء الورى طردوا ... عن حوضه فلقد تبت يد الكفرة
إخلاص أمداحه شغلي فكم فلق ... للصبح أسمعت فيه الناس مفتخرة
أزكي صلاتي على الهادي وعترته ... وصحبه وخصوصًا منهم العشرة
صديقهم عمر الفاروق أحزمهم ... عثمان ثم على مهلك الفجرة
وهكذا. وكان ابن جابر (توفي سنة ٧٨٠ هـ) مولعًا بالبديع والتزام ما لا يلزم مفتنًا في ذلك وله المقصورة التي التزم فيها قبل الألف حروف المعجم أولها:
بادر قلبي للهوى وما ارتأى ... لما رأى من حسنها ما قد رأى
ثم بعد عشرة أبيات انتقل إلى الباء بعدها الألف اللينة ثم إلى التاء وهكذا حتى استوفى حروف المعجم الثانية والعشرين فبقي له التاسع والعشرون وهو الألف اللينة ولا تستطاع قبل مثلها فجاء بلام الألف جريًا على عادة تعليم الهجاء، ليست ألفها ألف إطلاق ولكن ألف لين هكذا: