يوردها صاحب نفح الطيب:
ترك العرارة والكثيب شمالًا ... وحدا إلى ذات اليمين ومالا
ودعاه داعي العز فابتدر الفلا ... سعيًا لدعوته وخاض الآلا
يتخير المرعى ويفترع الربى ... ويجر أذيال الوشيج طوالا
حتى توسد أبرد الظل الذي ... كنف العفاة وأحسب الآمالا
أي أعطاها كفايتها ثم يقول:
من مبلغ قومي على بعد المدى ... والبين بينهم وبيني حالا
أني قطعت البحر للبحر الذي ... أغنى وأقنى واجتبى وأنالا
فإذا نفضت جوانحي عن مطمع ... لم ألف للطمع المخل مجالا
إلا رضا الله الذي هو غاية ... لأولي النهى سبحانه وتعالى
ثم يقول في لوم النفس وروم سبيل الحج والزيارة:
كم مركب أنضيت في طلب الهوى ... وظلام مسعى تهت فيه ضلالا
وقفت به قدمي على ندمي أسى ... من رام غير الله رام محالا
إن سامحت بنعم ونعمى همتي ... غارت بي الدنيا فقالت لا لا
همنا بشمطاء المفارق لم تزل ... خرقاء تخلط بالنفار دلالا
عنى بالشمطاء الدنيا. وفي خرقاء نوع من إشارة إلى صاحبة ذي الرمة التي قال فيها:
تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام
وقوله «تخلط بالنفار دلالا» دل به على أنها غير خرقاء في فتنة ذوي الألباب حتى تعزب بهم عنها أو كما قال:
غطى على الألباب منا سحرها ... فنرى الحقيقة في الوجود خيالا
ولابن الخطيب أحيانًا ولع بعبارات الفلسفة والمنطق، فربما كدر ذلك بعض صفاء ديباجته شيئًا وقد يعلم القارئ الكريم أصلحه الله طعن ابن خلدون على تعاطي مذاهب الفلاسفة في الشعر حتى لم يعف من نقد بها قاله أبا الطيب المتنبي بله أبا العلاء فهل ضمن مقاله في ذلك بعض التعريف بابن الخطيب؟