للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى ... لولا تذكر منزل وحبيب

يشير إلى «قفا نبك» -

ويقول في المدح:

يا سيد الرسل الكرام ضراعة ... تقضي مني نفسي وتذهب حوبى

عاقت ذنوبي عن جنابك والمنى ... فيها تعللني بكل كذوب

هب لي شفاعتك التي أرجو بها ... صفحًا جميلًا عن قبيح ذنوبي

إن النجاة وإن أتيحت لأمرئ ... فبفضل جاهك ليس بالتشبيب

هل يعتذر بهذا عن تشبيبه في أول هذه القصيدة أو عن سائر ما اعتاده الشعراء من البدء بالتشبيب؟ أحسب هذا أشبه بما كان يغلب على ابن خلدون رحمه الله من التأمل الناقد، وقد بسط من ذلك في مقدمته ما بسط.

إني دعوتك واثقًا بإجابتي ... يا خير مدعو وخير مجيب

قصرت في مدحي فإن يك طيبًا ... فبما لذكرك من أريج الطيب

كان لسان الدين بن الخطيب (١) وابن خلدون متعاصرين، وكأن قد كان بينهما من أشياء الغيرة وهنواتها ما يكون بين المتنافسين غير أن ابن الخطيب كان أعمق بحرًا في فنون البلاغة والشعر، وهو صاحب الترشيح المشهور:

جادك الغيث إذا الغيث همي ... يا زمان الوصل بالأندلس

لم يكن وصلك إلا حلمًا ... في الكرى أو خلسة المختلس

وقد كان، مع كونه من أهل الوزارة والكتابة والتصنيف في مختلف العلوم والفنون، من أدخل هؤلاء في حاق زمرة جماعة مداح الرسول صلى الله عليه وسلم الذين خلصوا بذوات أنفسهم إليه، جيد المذهب فيه، ومن جياد مدائحه، وذكر النبهاني أنها لم


(١) توفي ابن الخطيب سنة ٧٧٦ هـ وابن خلدون سنة ٨٠٦ هـ وابن الحكيم الرندي كانت وفاته في أوائل القرن الثامن وزار المدينة سنة ٦٨٤ هـ وكانت وفاته قتيلًا رحمه الله وقتل معه شاعره ابن خميس التلمساني رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>