للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي طويلة جيدة. ولا أحسب أن أبا زبيد هو أول هو أول من فرع هذا الروى في الرثاء، ولا أشك أنه قلد شاعرًا قبله من الجاهليين وإن كنت لا أملك على ذلك حجة، وما أحرى ذلك الشاعر أن يكون عدي بن زيد العبادي.

ولا ريب أن كلمة أبي زبيد كانت من المروي المستجاد، وفي رقتها ورنتها الشجية، ما حرك الشعراء على مجاراتها لا في الرثاء فحسب، ولكن في النسيب وما بمجراه من ضروب الرقة، فقال بشار كلمته (١):

أيها الساقيان صبا شرابي ... واسقياني من ريق بيضاء رود

إن دائي الصدى وإن شفائي ... شربة من رضاب ثغر برود

عندها الصبر عن غرامي وعندي ... زفرات يأكلن قلب الحديد

وعلى هذا النهج البشاري سار أبو عبادة البحتري في دالياته المخفوضة ككلمته (٢):

بعض هذا العتاب والتفنيد ... ليس ذم الوفاء بالمحمود

وهذه كانت مما يستحسنه البغداديون من الشعر، وفيها يقول واصفًا لقلم محمد بن عبد الملك الزيات وتفننه في الكتابة:

لتفننت في الكتابة حتى ... عطل الناس فن عبد الحميد

في نظام من البلاغة ما ... شك امرؤ أنه نظام فريد

وبديع كأنه الزهر الضا ... حك في رونق الربيع الجديد


(١) الأغاني: ٣ - ١٨٧.
(٢) ديوانه ١ - ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>