للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه موصوف بالخلق العظيم في القرآن والقرآن في أم الكتاب- على هذا يخرج هذا القول والله أعلم.

شق عن صدره وشق له البدر ومن شرط كل شرط جزاء

ههنا بديع الاستخدام لأن الشرط هو القطع والشق وهو أيضًا في النحو معروف، وكل جرح فله جزاء يكون تعويضًا عنه، فعن شق الصدر تعويض له بملئه علمًا وحلمًا وعن شق البدر ضياءً عمه وعم أمته. ولكل شرط في النحو جزاء والمراد المعنى الأول وهذا الثاني ورى به وتجوز إرادته فيكون قد جاء بكلمة الشرط على معنيين لها وهذا هو الاستخدام، وجعلوا منه عند من قال ذلك قول الله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} أي الهلال وعدة أيام الشهر.

ورمى بالحصى فأقصد جيشًا ... ما العصا عنده وما الإلقاء

عاد رحمه الله إلى الموازنة وحرب أهل الكتاب. وكما قدمنا ينبغي أن يحمل هذا على ما كان بين المسلمين وخصومهم من عراك البيان والجدل. والعصا عصا موسى عليه السلام والإلقاء إشارة إلى قصته مع السحرة إذ ألقوا ثم ألقى عليه السلام في سورة الأعراف: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون} هذا في خبر سيدنا موسى عليه السلام وقد تكرر ذكره في الآيات المحكات وفي سورة الأنفال: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من حصباء ورمى بها وقال شاهت الوجوه وأمر صحبه أن شدوا فكان النصر وذلك يوم بدر الكبرى.

ودعا للأنام إذ دهمتهم ... سنة من محولها شهباء

فاستهلت بالغيث سبعة أيا ... م عليهم سحابة وطفاء

الوطفاء التي لها وطف كأهداب الجفون لكثرة مائها وثقلها وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله الله غيثًا غدقًا طبقًا فكان وإلى هذا المعنى أشار البوصيري بنعته السحابة بأنها وطفاء، وكأن في ذلك إشارة إلى قول أمرئ القيس.

ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرى وتدر

وقد جاء البوصيري بتتحرى في البيت التالي:

تتحرى مواضع الرعي والسقي وحيث العطاش توهى السقاء

أي تصب الأسقية وكأنها واهية أفواهها حين يشتد العطش وكذلك يرسل الله

<<  <  ج: ص:  >  >>