للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي قطب المحراب والحرب كم دا ... رت عليها في طاعة أرحاء

هذا المعنى نفيس، جعل قدمه لقيامه قطبا لرحى المحراب وثم جهاد في طاعة الله، وجعلها لثباته المعروف شأنه حين يفر الناس قطبا لرحى الحرب، وثم جهاد في طاعة الله، فكم دارت على قدمه وهي قطب للحرب وللمحراب من أرحاء طاعة وعبادة وقتال في سبيل الله.

وأراه لو لم يسكن بها قبـ ... ـل حراء هاجت بها الدأماء

الدأماء البحر، أي لو لم يسكن حراء بقدميه فسكن لزلزلت الأرض زلزالها، ولهوى الجبل في البحر، وكأن قد نظر رحمه الله إلى قول الشريف.

جبل هوى لو خر في البحر اغتدى ... من وقعه متتابع الأزباد

ولقعقعة هذا البيت أبهة تلفت النظر.

عجبًا للكفار زادوا ضلالًا ... بالذي للعقول فيه اهتداء

والذي يسألون منه كتاب ... منزل قد أتاهم وارتقاء

أو لم يكفهم من الله ذكر ... فيه للناس رحمة وشفاء

يشير إلى آيتي الإسراء: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا} وقوله تعالى: {أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابًا نقرؤه} [الآية]. أي هم سألوا النبي أن يرقى إلى السماء وأن يأتيهم بكتاب فقد جاءهم الكتاب، وقد جاءهم الارتقاء. «ومنزل» ههنا بالتخفيف لا من أجل الوزن فقط ولكنها قراءة معتمدة قرأ بها في مواضع غير واحد من السبعة ومن العشرة وعليها قراءة أبي عمرو إلا في حرفين في الأنعام {إن الله قادر على أن ينزل آيةً} وفي الحجر {وما ننزله إلا بقدر معلوم} وهي قراءة الجمهور في هذا الموضع وقد ذكر صاحب النشر تفصيل قراءة أبي عمرو وابن كثير ويعقوب وحمزة [النشر ٢/ ٨/٢١٨ - ٢١٩] فقول البوصيري منزل بالتخفيف جاء به على القراءتين المكية والبصرية والله أعلم ثم أخذ البوصيري في تفصيل معجزة القرآن والناس في هذا تبع لكعب بن زهير حيث قال رضي الله عنه:

مهلًا هداك الذي أعطاك نافلة الـ ... ـقرآن فيها مواعيظ وتفصيل

وقد أبدع البوصيري حيث قال:

أعجز الإنس آية منه والجن فهلا تأتي بها البلغاء

يشير إلى آية البقرة: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>