للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيء من ذلك كان لدهاة العرب مذهبًا، يخيفون به الناس- قال:

إذا المرء لم يحتل وقد جد جده ... أضاع وقاسى أمره وهو مدبر

ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلًا ... به الخطب إلا وهو للقصد مبصر

فذاك قريع الدهر ما عاش حول ... إذا سد منه منخر جاش منخر

أخذ هذه الصورة من اندفاع مسايل الماء في مخارم الجبال، فإن سد منخر جاش منخر، ومن شاء جعله مأخوذًا من تجربة الزكام، وينبغي أن يكون الموصوف هنا منخرًا ضخمًا، والوجه الأول أولى وأشبه.

أقول للحيان وقد صفرت لهم ... وطابي ويومي ضيق الجحر معور

أي وقد هلكت أو كدت ويومي ضيق ومقاتلي بادية- قال أمرؤ القيس:

وأفلتهن علباء جريضا ... ولو أدركنه صفر الوطاب

أي قتلناه- قال صاحب القاموس وصفرت وطابه أي مات أو قتل، وهو الوجه الذي ينبغي أن يفسر به هذا البيت.

قالوا وكانت مع تأبط شرًا أوعية مملوءة عسلًا فزعموا أنه قال للحيان إنه يضن عليهم بعسله ولهم أن يأسروه فإن شاءوا منوا وإن شاءوا قتلوا ولن يجمع لهم أن يأخذوه ويأخذوا عسله، فأراق العسل، وفسر بعضهم قوله صفرت لهم وطابي أي خلت وطابي من العسل ووطاب بكسر الواو وطاء مهملة بعدها ألف فباء جمع وطب بفتح فسكون وهو سقاء يكون فيه اللبن. وهذا وجه في التفسير والأول أجود، لأنه إنما أراق العسل بعد أن تظاهر بالاستسلام ويومه ضيق الجحر معور أي ظاهر عورة المقاتل.

هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر

أي خطتان، حذف نون المثنى تخفيفًا، وإسار مرفوعة الراء ولك أن تجعل إسارًا مضافة فتكون مجرورة وكذلك منة وعليه فيكون حذف نون «خطتا» من أجل الإضافة والفصل بين المتضايفين بإما كأنه لا فصل لظهور المعنى.

وأخرى أصادي النفس عنها وإنها ... لمورد حزم إن فعلت ومصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>