للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي وخطة ثالثة أصادي نفسي عنها، أراودها عنها، وهي أن أريق العسل وانزلق عليه- فهذا يقوي ما ذهبنا إليه آنفًا أن مراده من قوله: وقد صفرت لهم وطابي، أي كأن قد صفرت، كأن قد مت وقتلوني لضيق يومي وقلة ناصري وإعوار مقاتلي.

فرشت لها صدري فزل عن الصفا ... به جؤجؤ عبل ومتن مخصر

هذه هي المغامرة «السينمائية» - وكان الخبر الممتع ينوب مكان ما ننهمك فيه الآن من معاينات الصور والتشخيص والأفلام.

فخالط سهل الأرض لم يكدح الصفا ... به كدحة والموت خزيان ينظر

تجسيد الموت هنا وإعطاؤه مشاعر الآدمي وصفاته جد بارع. والخزي إنما كان لبني لحيان. وكانوا هم من رسل الموت وأسبابه. وصفة البطولة كما ترى في نعت هذا الجؤجؤ أي الصدر العبل والمتن الضامر وانزلاق هذا الفتى الخفيف انزلاقًا ماهرًا لم يكدح الحجر به كدحة.

فأبت إلى فهم ولم أك آئبًا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

أي وهي خالية ليس بها من صافر وإنها تصفر بها الريح، وكأن ههنا سخرية وردًا للكلام على قوله من قبل «وقد صفرت لهم وطابي» - صفر الأولى من باب فرح وهذه من باب ضرب.

ومن أمثلة التسلسل في القصار من القصائد، حائية جبيهاء وقد مر خبرها وهي التي أولها:

أمولي بني تيم ألست مؤديًا ... منيحتنا فيما تؤدي المنائح

ثم استمر في وصف المنيحة إلى آخر القصيدة وهي اثنا عشر بيتًا.

ورائية الحارث بن وعلة الجرمي.

فدى لكما رجلي أمي وخالتي ... غداة الكلاب إذ تحز الدوابر

وهي أحد عشر بيتًا. وذلك من القطع قريب فلا تعجب أن يتلئب فيه تسلسل الكلام على سهولة في ذلك ويسر.

ويائية عبد يغوث أدخل في القصيد إذ هي عشرون بيتًا والتسلسل فيها جلي. بدأ بالنهي عن اللوم أن يلومه أحد حيث أخذ أسيرًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>