ليس مثلي يخبر الناس عن آ ... بائهم قتلوا وينسى القتالا
لم أرم عرصة الكتيبة حتى انـ ... ـتعل الورد من دماء نعالا
عرفته رماح بكر فما يطـ ... ـلبن إلا جبينه والقذالا
قيلت بعد لامية الحرث، لأن المهلهل يتحدث فيها عن الهزيمة، ولم ينهزم المهلهل إلا بعد يوم الحرث وهو يوم تحلاق اللمم.
ومع هذا فلا يستبعد أن يكون المهلهل هو السابق لإكثاره من الخفيف واستعماله حروفًا كثيرة في غير اللام كما في قافيته:
طفلة ما ابنة المجلل بيضا ... ء لعوب لذيذة في العناق
ضربت صدرها إلي وقالت ... يا عديا لقد وقتك الأواقي
وقد كانت لاميات الحرث والمهلهل كلها في فن الرثاء وذكر الثأر - إلا أن كلا هذين الشاعرين كانا من الرقة بمكان عال. ومع ضيق الدائرة التي كانا ينظمان فيها من حيث الغرض، فإنهما هلهلا النظم وحسناه وبرعا فيه، حتى صار قدوة تحتذى.
ويظهر أن الشعراء الربعيين أكثروا من الخفيف وروي اللام، في أغراض أخر كثيرة غير الرثاء، بعد منظومات هذين الشاعرين. ويدل على ذلك أن لامية الأعشى (١):
ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي وما ترد سؤالي
تمثل طرازًا ناضجًا من القصيدة الجاهلية المادحة لا بد أن تكون سبقته أنواع كثيرة في ضروب مختلفة من الأغراض أدت إلى نموه ونضجه. وإلا فلا يتصور أن يكون الأعشى نظم معلقته الفخمة هذه وليس قبله من نموذج غير: