المقابلة التي تساوق تداعي المعاني وينبعث منها وتنبعث منه مع الموازنة، وحذو الشيء بعد الشيء على مماثل ذي مماثلة ما له من قبله أو من بعده، هي أكبر ما عليه الربط والوحدة في معلقة طرفة. وقد نبهنا إلى أن حركة الحدوج المهتزة اهتزازا شديدا- رمز انفعال الشاعر ذي الحيوية الشديدة- تنتظم الكلمة من عند «يجور بها الملاح طورا ويهتدي» إلى «تناول أطراف البرير وترتدي» - ينفض المرد- أتلع نهاض- اروع نباض- جس النادمى- سامي واسط الكور رأسها وعامت بضبعيها- كرأس الحية المتوقد- كسيد الغضا- رجعت في صوتها- خب آل الأمعز
كهاة ذات خيف جلالة ... عقلية شيخ كالوبيل يلندد
. ذلول بأجماع الرجال ملهد ....
وما أشبه من تتابع الصفات ومن ضروب التقسيم
صهابية العثنون مؤجدة القرا ... بعيدة وخد الرجل موارة اليد
هذا ...
وعينية أبي ذؤيب صار فيها بعد الدمعة الحارة، من حيث ذكروا عن عمر رضي الله عنه قوله عنه إنه سلا إلى درجات من طلب العزاء وكل صورة فيها مقابلة وموازنة ومشابه مما قبلها.
أول شيء صورة الحمار الوحشي وآتنه وهؤلاء يصيبهن القدر بسهامه عند الورود في لحظة مأساة حاسمة:
فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو بارك متجعجع
والصورة على جودتها تنظر إلى قول علقمة:
رغا فوقهم سقب السماء فداحض ... بشكته لم يستلب وسليب
فالداحض هو هذا البارك المتجعجع
ثم صور أبو ذؤيب صراعا أشد- الثور والكلاب والصائد ذا الأسهم:
فبدا له رب الكلاب بكفه ... بيض رهاب ريشهن مقزع
فرمى لينقذ فرها فهوى له ... سهم فأنفذ طرتيه المنزع
فكبا كما يكبو فنيق تارز ... بالخبث إلا أنه هو أبرع
وهذه الصورة الجيدة، هي أيضا من قول علقمة: فداحض بشكته إلخ
ثم خاتمة القصيدة صراع فارسين مدججين بالسلاح- وهذه كما ترى درجة أعلى وأعنف