للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من درجات القتال. والقدر في جميع ذلك بالمرصاد. وفي الحمار والثور كما في الفارسين كليهما من الحمية والثقة وحسن البلاء

متحاميين المجد كل واثق ... ببلائه واليوم يوم أشنع

ومن عجيب الشعر ميمية المرقش الأكبر. والمرقش جاهلي قديم.

وكأن الرواة لم يظفروا بكل أبيات هذه القصيدة. ولم يوفها الشراح حقها من الشرح.

وروى عن أبي عكرمة بعض خبر هذه القصيدة أنها رثي بها الشاعر ابن عمه ثعلبة بن عوف بن مالك ثم قال في شرح البيت:

ثعلب ضراب القوانس بالسيف وهادي القوم إذ أظلم

ثعلب اسم رجل ولم يرد ثعلبه. فتأمل هذا الاختلاف.

وقال الأستاذان أحمد محمد شاكر رحمه الله والأستاذ عبد السلام محمد هارون في تحقيقهما المختصر من تحقيق المستشرق ليال لشرح ابن الانباري الكبير وهي من نادر الشعر الذي بدئ فيه الرثاء بالغزل. قلت ومن تأمل القصيدة وجد أنها فيها الرثاء وغير الرثاء، وليست هي حقا بمرثية وإنما الذي ذكر في البدء خبر من خبرها. وقد رأيت اضطراب الشارح في ثعلبة وثعلب ولولا رواية رواها ما وقع هذا الاضطراب إذ أمر الترخيم أول ما يتبارد إليك في مثل هذا الموضع. وقال في شرح البيت:

إن يغضبوا يغضب لذاك كما ... ينسل من خرشائه الأرقم

الخرشاء جلد الحية والأرقم الحية قال أبو جعفر. يغضب يعني الرئيس الممدوح غيره قشر كل شيء خرشاؤه. قال وكل منتفخ أجوف فيه خروق فهو خرشاء.

قلت فعلى هذا التفسير الثاني: كما ينسل من خرشائه الأرقم أي كما ينسل الأرقم- والمراد بالتشبيه غير واضح إلا أن يقال هو كالأرقم عنده السم والنكاية إذا غضب فسار ولكن سورة الحية وانسلاله ليس أمرا واحدا.

وقال الأستاذ أحمد محمد شاكر رحمه الله والأستاذ عبد السلام محمد هارون يغضب يعني الممدوح. وهذا كما ترى مخالف لما تقدم من أن القصيدة مرثية.

ومن تأمل سياق أبيات القصيدة إلى قوله:

والوالدات يستفدن غنى ... ثم على المقدار من يعقم

وهو البيت السابع عشر، وجد أن الكلام محكم الترابط، وإن تك الأبيات الستة الأوائل نسيبا، والثلاثة التاليات رثاء، وسائر ما بقي حكمة وعزاء.

وقف الشاعر بمكان قفر. دار كانت دار أحباء فأقفرت منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>