ما جئت من سيئ مما رميت به ... إذن فلا رفعت سوطي إلى يدي
إذن فعاقبني ربي معاقبة ... قرت بها عين من يأتيك بالفند
من قبيل استنزال اللعنات الذي صنعه أوديب. فقط كان النابغة بريئًا. وكان أوديب غير برئ، وغير جلد الفؤاد على الإثم.
ومما يذكر في هذا المعراض أن قتل الأب وغشيان الأم مما يسمونه عقدة أوديب ليس ذلك بأمر انفردت به آداب اليونان، فمثله دائر في خرافات الأمم.
مما نختم به هذا الفصل مما يجري مجرى المقابلة قول أبي كبير الهذلي
أزهير هل عن شيبة من معدل ... أم لا سبيل إلى الشباب الأول
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ... أشهى إلى من الرحيق السلسل
فقد أسف على فوات الشباب هنا. ثم تمثل هذا الذي أسف عليه في هذا الفتي الذي رغب أن يتزوج أمه ثم خافه وأحس فيه قوة الشباب المباين كل المباينة لما كان فيه هو من إقبال على ضعف المشيب وانهيار قواه وذلك قوله:
ولقد سريت على الظلام بمغشم ... جلد من الفتيان غير مثقل
ممن حملن به وهن عواقد ... حبك النطاق فشب غير مهبل
ومبرا من كل غبر حيضة ... وفساد مرضعة وداء مغيل
حملت به في ليلة مزءودة ... كرهًا وعقد نطاقها لم يحلل
هذه أمنية مناها أبو كبير من أم تأبط شرًا التي لم يستطع إليها سبيلًا
فأتت به حوش الفؤاد مبطنًا ... سهدًا إذا ما نام ليل الهوجل
فإذا نبذت له العصاة رأيته ... ينزو لوقعتها طمور الأخيل
وإذا يهب من المنام رأيته ... كرتوب كعب الساق ليس بزمل
أي ليس بضعيف ولكن إذا نهض من المنام نهض قائمًا
ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل
أي هو مطوي طيًا لضموره وقوة جسمه وذلك لاكتمال شبابه
وإذا رميت به الفجاج رأيته ... يهوي مخارمها هوي الأجدل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل