للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي آب مآبا سعيدًا أو إلى قرة عينه فنزع الخافض.

وقد جمع بين التجربتين معًا في خاتمة القصيدة عند حديثه عن نفسه- حديث سلوى عن نعمة العيش التي زلت كما قال في أول القصيدة:

فواكبدا على أميمة بعدما ... طمعت فهبها نعمة العيش زلت

لوالي السلوان سبيل

ألا لا تعدني إن تشكيت خلتي ... شفاني بأعلى ذي البريقين عدوتي

وإني لحلو إن أريدت حلاوتي ... ومر إذا نفس العزوف استمرت

أبي لما آبى سريع مباءتي ... إلى كل نفس تنتحى في مسرتي

ولكن النفس التي تنتحى في مسرته وهي أميمة، قد بانت، فأبدل منها نفسًا أخرى يعزها إعزازًا ولكنها لا تنتحى في مسرته كل الانتحاء

تخاف علينا العيل إن هي أكثرت ... ونحن جياع أي آل تألت

وأعلم أصلحك الله أيها القارئ الكريم أنه من باب هذا التحول ما مر بك من نحو قول علقمة بن عبدة

بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا

وقوله:

قد أشهد الشرب فيهم مزهر رنم

بل غير بعيد من هذا الباب قولهم دع ذا، ودعها، وعد عن كذا وكذا والإقبال على الجد بعد النسيب، ولكنا كما تقدم نبهنا إلى عناصر أخرى من الربط في جميع ذلك من تدرج وتداعي معاني وتفرع لاحق عن سابق ومفارقة أمر ثم الرجوع إليه كما نبه إلى ذلك ابن رشيق في حديثه عن التخلص وقد ممر في أول هذا الجزء.

وقولنا إن عنصر المفاجأة عند الشنفري وما أشبهه من الشعر مثل التحول الذي قاله أرسطو طاليس ليس ببعيد. وجواهر مذاهب البشرية تتقارب بل هي أمر واحد وسابحة في فلك واحد. وإنما يقع الاختلاف في الأشكال. والمثال ضربه أرسطو طاليس للتحول منه خبر أوديب. ومما يحسن ذكره في هذا الباب أن أوديب استنزل اللعنة على من قتل أباه وغشي أنه وقضى بعذاب أليم. فما كان ذلك الملعون المعذب آخر الأمر إلا إياه هو نفسه ولعمرك إن قول النابغة:

<<  <  ج: ص:  >  >>