نسيب إلى مدح أو غيره بلطف تحيل، ثم تتمادى فيما خرجت إليه كقول حبيب في المدح
صب الفراق علينا، صب من كثب ... عليه إسحاق يوم الروع منتقمًا
سيف الإمام الذي سمته هيبته ... لما تخرم أهل الأرض مخترمًا
ثم تمادى في المدح إلى آخر القصيدة.
وكقول أبي عبادة البحتري:
سقيت رباك بكل نوء عاجل ... من وبله حقًا لها معلومًا
ولو أنني أعطيت فيهن المني ... لسقيتهن بكف إبراهيمًا
وأكثر الناس استعمالًا لهذا الفن أبو الطيب، فإنه ما يكاد يفلت له ولا يشذ عنه حتى ربما قبح سقوطه فيه نحو قوله:
ها فأنظري أو فظني بي ترى حرقًا ... من لم يذق طرفًا منها فقد وألا
على الأمير يرى ذلي فيشفع لي ... إلى التي تركتني في الهوى مثلًا
فقد تمنى أن يكون له الأمير قوادًا- وليس هذا من قول أبي نواس
سأشكو إلى الفضل بن يحيى بن خالد ... هوانًا لعل الفضل يجمع بيننا
في شيء، لأن أبا نواس قال «يجمع بيننا» ثم اتبع ذلك ذكر المال والسخاء به فقال:
أمير رأيت المال في نقماته ... مهينًا ذليل النفس بالضيم موقنًا
(في الأصل في نعمائه وينكسر به البيت ولا يستقيم المعنى وهو خطأ إما من الطابع وإما من الناسخ).
فكأنه أشار إلى جمعه بينهما بالمال خاصة، يفضل عليه ويجزل عطيته فيتزوجها أو يتسرى بها، وأبو الطيب قال: «يشفع لي» والشفاعة رغبة وسؤال ثم أتبع بيته بما هو مقو لمعناه في القيادة فقال:
أيقنت أن سعيدًا طالب بدمي ... لما بصرت به بالرمح معتقلًا
فدل على أنه يشفع فإن أجيب إلى مساعدة أبي الطيب فذاك، وإلا رجع إلى القهر والذي يشاكل قول أبي نواس قوله: