أحب التي في البدر منها مشابه ... وأشكو إلى من لا يصاب له شكل
فلفظة الشكوى تحمل عنه كما حملت عن أبي نواس.
ومما سقط فيه- وإن كان مليح الظاهر- قوله يخاطب امرأة نسب بها:
لو أن فنا خسر صبحكم ... وبرزت وحدك عاقه الغزل
وتفرقت عنه كتائبه ... وإن الملاح خوادع قتل
ما كنت فاعلة وضيفكم ... ملك الملوك وشأنك البخل
أتمنعين قرى فتفتضحي ... أم تبذلين له الذي يسل
بل لا يحل بحيث حل به ... بخل «ولا جور» ولا وجل
فحتم علي (فنا خسرو) بأن الغزل يعوقه، وأن كتائبه تتفرق عنه، وجعله يسأل هذه المرأة وتشكك هل تمنعه أم تبذل له، ثم أوجب أن البخل لا يحل بحيث حل، فأوقعه تحت الزنى أو قارب ذلك، ولعل هذا كان اقتراحًا من فنا خسرو، وإلا فما يجب أن يقابل من هو ملك الملوك بمثل هذا، وما أسرع ما انحط أبو الطيب، بينا هو يسأل الأمير أن يشفع إلى عشيقته صار يشفع للأمير عندهما».
قلت ما يخلو ابن رشيق في جميع هذا من خلط بين أدب البلاط، ما ينبغي أن يكون قلت ما يخلو ابن رشيق في جميع هذا من خلط بين أدب البلاط، ما ينبغي أن يكون عليه، وبين مذاهب الشعراء في الخيال والافتنان. وليس مذهب أبي الطيب في أبياته بجد مختلف عن مذهب أبي نواس، فمن أعان بالمال شفع. والطلب بدم المقتول أو من هو في حكم المقتول من ذلك غير بعيد. وحديثه عن فنا خسرو نهايته السؤال:
أتمنعين قرى فتفتضحي البيت
ثم قوله بل لا يحل إنما هو خروج وليس بقيادة كما زعم ابن رشيق ليرضي صاحبه أبا الحسن والله أعلم أي ذلك كان، ثم نرجع بالحديث إلى بقية كلام ابن رشيق:
«والاستطراد أن يبني الشاعر كلامًا كثيرًا على لفظة من غير ذلك النوع يقطع عليها الكلام وهي مراده دون جميع ما تقدم، ويعود إلى كلامه الأول وكأنما عثر بتلك اللفظة عن غير قصد ولا اعتقاد نية، وحل ما يأتي تشبيهًا وسيرد عليك في بابه مبينًا إن شاء الله تعالى. ومن الناس من يسمي الخروج تخلصًا وتوسلًا وينشدون أبياتًا منها:
إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه ... فليس به ولو كان من جرم
ولو أن جرمًا أطعموا شحم جفرة ... لباتوا بطانًا يضرطون من الشحم
وأولى الشعر بأن يسمى تخلصًا ما تخلص فيه الشاعر من معنى إلى معنى ثم عاد إلى