في قوله: «هل عند عمرة من بتات مسافر» إلى قول الحادرة في مقطع كلامه هذا فجعله هو مطلعًا؟ أم هذا الضرب من القول كثير وروده في الشعر ومنه كما تعلم قول المسيب: «أرحلت من سلمى بغير متاع»
وأخذ الشعراء بعضهم عن بعض طريق ركوب. وأمثلة الخطاب المجعول واسطة للربط بعد كثيرة. ومنها سوى ما تقدم جيمية شبيب ابن البرصاء في المفضليات:
الم تر أن الحي فرق بينهم ... نوى يوم صحراء الغميم خلوج
نوى شطنتهم عن نوانا وهيجت ... لنا طربًا إن الخطوب تهيج
وفيها مما يجري مجرى الخطاب:
لعمر ابنة العمري ما آنا بالذي ... له أن تنوب النائبات ضجيج
وقد علمت أم الصبيين أنني ... إلى الضيف قوام السنات خروج
وأني لأغلى اللحم نيئًا وإنني ... لممن يهين اللحم وهو نضيج
إذا المرضع العوجاء بالليل عزها ... على ثديها ذو ودعتين لهوج
هذا البيت جيد وفيه انطباع من تجربة حقيقية صادقة. هذه المرأة العوجاء أي النحيلة السيئة الغذاء- قال الهذلي:
ويأوي إلى نسوة عطل ... وعوج مراضيع مثل السعالى
وهذا الطفل ذو الودعتين الجائع الذي يروم ثديها وليس فيه ما يسد رمق جوعه.
وفي هذه القصيدة بيت ذكر فيه دمشق والأرز إذ وصف ناقته فقال:
لها ربذات بالنجاء كأنها ... دعائم أرز بينهن فروج
وقريبة من هذه الجيمية في منهج الخطابة، وهي أسبق منها زمانًا بلا ريب لأن صاحبها عمرو بن الأهتم أقدم زمانًا من شبيب البرصاء قافية هذا التي أولها:
ألا طرقت أسماء وهي طروق ... وزارت علي أن الخيال يشوق
وقد جاء بالخطاب في أولها ثم ساق الكلام عليه:
ذريني فإن البخل يا أم هيثم ... لصالح أخلاق الرجال سروق
ذريني وحطي في هواي فإنني ... على الحسب الزاكي الرفيع شفيق