للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على ذلك، ثم استمر في الرحلة حتى بلغ البيت فأقسم. وقد ذكرنا من قبل أن زهيرًا قد جاء من بعد بعناصر من التسلسل والمقابلة وسوى ذلك مما هو عناصر للوحدة والربط في هذه القصيدة العظيمة الشأن وقال زهير بعد النسيب ووصف الحديقة والناقة المقتلة والسائق والقابل والضفادع

يخرجن من شربات ماؤها طحل ... على الجذوع يخفن الغم والغرقا

قال:

بل اذكرن خير قيس كلها حسبا ... وخيرها نائلًا وخيرها خلقًا

وهذا اقتضاب مضمن إضرابًا عن ذكر الحبيبة وتسليًا عنها وإقبالًا على جد من الأمر، وهو المذهب الذي بسطه علقمة في البائية، وخشنة لبيد في قوله:

فأقطع لبانة من تعرض وصله ... ولشر واصل خلة صرامها

وقد سبق التنبيه منا أن مثال دع ذا وأمثال:

فعد عن ذكرها إذ لا ارتجاع له

مع أن ظاهرة اقتضاب، هو حقًا موصول بما قبله وما بعده وأولى المذاهب عندي وأحقها بأن يسمى اقتضابًا ما كان يقع في المفاخرات والنقائض وأشعار القبائل إذ فجاءة الانتقال فيه من النسيب إلى القتال أمر طبيعي يدلك على ذلك قول عمرو بن معد يكرب:

لما رأيت نساءنا يفحصن بالمعزاء شدا

وبدت لميس كأنها قمر السماء إذا تبدى

نازلت كبشهم ولم أر من نزال الكبش بدا

وقال سعد بن مالك من كلمته على نفس الوزن وكلتا الكلمتين في الحماسة:

كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشر الصراح

يعني الحرب:

فالهم بيضات الخدور هناك لا النعم المراح

من ذلك مثلًا قول بشر بن أبي خازم الأسدي وهي التاسعة والستون في المفضليات:

لولا تسلي الهم عنك بجسرة ... عيرانة مثل الفنيق المكدم

<<  <  ج: ص:  >  >>