للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأبيات على سرمتها من حيث الصنعة لا تخلو من تكلف عقلي، ولا أظن القاريء يخالفني في أن الصورة التي يعرضها ابن الرومي هنا للعود، مع براعتها وطرافتها، ذهنية لفظية، صفر من العمق ودقة الإحساس - على أن ابن الرومي لم يخل فيها من نظر إلى سينية البحتري.

ولابن الرومي على النون قصيرة أخرى مختلفة المجرى مطلعها:

أيها المحتفي بحول وعور ... أين كانت عنك الوجوه الحسان

ولا بأس بها.

وأكثر شعراء القرن الرابع من الروي المخفوض. ودرة أشعارهم جميعًا في هذا الباب نونية المعري (١):

عللاني فإن بيض الأماني ... فنيت والظلام ليس بفاني

وقد أكثر فيها من التشبيهات الحسية، وقد يعاب ذلك عليه لعماه وجهله بالمنظورات. ومن أجل ذلك لم يعفه الدكتور طه حسين في كتابه "تجديد ذكرى أبي العلاء" من؟ ؟ ؟ على أني أرى أن أبا العلاء لم يذهب في تشبيهاته مذهب بشار من محاولة التفوق على المبصرين في نعت المنظورات، وإنما ذهب مذهبًا لغويًا صرفًا. سمع العرب تصف سهيلا بالحمرة والخفقان، فقال فيه:

وسهيل كوجنة الحب في اللو ... ن وقلب المحب في الخفقان

وسمع العرب تشبه الليل بالزنجي فقال:

ليلتي هذه عروس من الزنـ ... ـج عليها قلائد من جمان


(١) التنوير ١٣٤: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>