عاطيتها غضة الأطراف مرهفة ... شربت من يدها خمرًا ومن فيها
يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها ... والآنسات إذا لاحت مغانيها
وقد جاء بوثبة الاقتضاب هنا بعد ذكره التقبيل- واحتفظ بشي من معاني الغزل:
يحسبها أنها في فضل رتبتها ... تعد واحدة والبحر ثانيها
ما بال دجلة كالغيري تنافسها ... في الحسن طورًا وأطوارًا تباهيها
وقد يرى قارئ هذا الشعر وسامعه والمتغني به اتصال بيت «يا من رأى البركة الحسناء» بالبيت تاليه فهذا مدان للتضمين وليس به وفيه رد مفحم لمن قال مكابرًا باستقلال مفردات الأبيات في قصيد العرب.
وقال البحتري في كلمته التي أولها:
أكنت معنفي يوم الرحيل ... وقد جدت دموعي في الهمول
عشية لا الفراق أفاء عزمي ... إلي ولا اللقاء شفى غليلي
ثم يقول:
طربت بذي الأراك وشوقتني ... طوالع من سنا برق كليل
وذكرينك والذكرى عناء ... مشابه فيك بينة الشكول
نسيم الروض في ريح شمال ... وصوب المزن في راح شمول
عذيري من عذول فيك يلحى ... على ألا عذير من عذول
تجرمت السنون ولا سبيل ... إليك وأنت واضحة السبيل
وقد حاولت أن تخد المطايا ... إلى حي على حلب حلول
ولو أني ملكت إليك عزمي ... وصلت النص منها بالذميل
فأولى للمهارى من فلاة ... عريض جوزها وسرى طويل
فهذا في المحبوبة وسير اللحاق بها- ثم وثب إلى مديح الفتح وكأنه اقتدى شيئًا في هذا بكعب بن زهير، إذ المحبوبة كالرمز عند كعب وهي هنا كذلك:
زكت بالفتح أحدان المساعي ... وأوضح دارس الكرم المحيل
ووضوح السبيل علاقة كما ترى.
ومما هو اقتضاب محض قوله: