فلربما لبيت داعية الصبا ... وعصيت من عذل ومن تأنيب
يعشى عن المجد الغبي ولن ترى ... في سؤود أربا لغير أريب
والأرض تخرج في الوهاد وفي الربا ... عمم النبات وجل ذلك يوبي
نظم هذا البيت نظمًا فبعضه من أبي تمام من قوله «حتى تعمم صلع هامات الربى» وبعضه من الحديث: «إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم» - ثم جاء بحسن التخلص الذي ليس بحسن.
وإذا أبو الفضل استعار سجية ... للمكرمات فمن أبي يعقوب
ولعل القافية استهواه شيطانها، إذ مثلها عند مسلم بن الوليد إذ يقول:
يأيها الرجل المثمر ماله ... وهو المسلب عرضه المسلوب
خل المكارم قد كفاك مراسها ... سعدانها وسليله يعقوب
وللبحتري مما لم يذهب فيه مذهب الاقتضاب ولكن مذهب التخلص الرشيقي كما في عينيه النابغة وداليته «يا دار مية بالعلياء فالسند» كلمات جياد. ولا يخفى أن النابغة في أدب المنامة زعيم، فلا غرو أن أقتدى به البحتري وهو نديم مثله. فمن هذه الكلمات عينيته في المتوكل الفخمة النفس والروى:
منى النفس من أسماء لو يستطيعها
ومن تلك قافيته في الفتح:
حلفت لها بالله يوم التفرق ... وبالوجد من قلبي بها المتعلق
وبالعهد ما البذل القليل بضائع ... لدي ولا العهد القديم بمخلق
أي ببال
وأبثثتها شكوى أبانت عن الجوى ... ودمعًا متى يشهد ببث يصدق
وإني لأخشاها علي إذا نأت ... وأخشى عليها الكاشحين وأتقى
وإني وإن ضنت على بودها ... ... لأرتاح منها للخيال المؤرق
(أحسبه بوعدها) ...
يعز على الواشين لو يعلمونها ... ليال لنا تزدان فيها وتلتقي