هذا يقوى ما ذهبنا إليه أن الصواب بوعدها، إذ هذا البيت الذي يذكر لقاءها وازديانها شاهد ود.
ثم يقول في الطيف:
فكم غلة للشوق أطفأت حرها ... بطيف متى يطرق دجى الليل يطرق
الأولى رباعية من إسبال الليل أستاره وهيمنته كأنه مطرق والثانية ثلاثية من طروق الطارق. وهذا الطيف يطرقه إذا أطرق الليل.
أضم عليه جفن عيني تعلقا ... به عند إجلاء النعاس المرنق
هذا البيت جيد في وصف أول الإفاقة من النوم.
ثم يقول:
إذا شئت ألا تعذل الدهر عاشقًا ... على كمد من لوعة الحب فاعشق
وكنت متى أبعد عن الخل اكتئب ... له ومتى أظعن عن الدار اشتق
فهذا فيه رجعة إلى التفرقة الذي بدأ بذكره
تلفت من عليا دمشق ودوننا ... للبنان هضب كالغمام المعلق
إلى الحيرة البيضاء فالكرخ بعدما ... ذممت مقامي بين بصري وجلق
وهذه دياره ولكن ثم جاهه وسادته ومنادمته ونداماه
إلى معقلي عزي وداري إقامتي ... وقصد التفاتي بالهوى وتشوقي
فرجع إلى معنى الهوى كما ترى
مقاصير ملك أقبلت بوجوهها ... على منظر من عرض دجلة مونق
كأن الرياض الحويكسين حولها ... أفانين من أفواف وشى ملفق
هذه الكافات والفاءات نمط نابغي
إذا الريح هزت نورهن تضوعت ... روائحه من فار مسك مفتق
ثم جاء دور القاف في نغم الجرس النابغي