للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه اشتق من حركة البعير، وأن أول من نطق به معد بن عدنان، إذ كان راكبًا فسقط فانكسرت يده، فجعل يصيح "يدي يدي يدي يدي"، فكان هذا رجزًا. وقد وجدت في بعض ما قرأت من الكتب التي تذكر هذه الأسطورة، أن معد بن عدنان كان يقول "وايداه وايداه". وهذا ليس برجز بحال من الأحوال، وإنما هو رمل.

ولا أريد أن أتناول هذه القصة بالنقد والتمحيص، فليس ذلك بأمر ذي بال. وكل ما أريد أن أزعمه هو أن الرجز لا يمكن أن يكون أقدم أوزان العرب في صيغته التامة، ولا بد أن تكون الأوزان الأول قد بدأت بصفة أقصر وأقل نظامًا منه. ولا يخدعنك ما يزعمونه من أنه مشتق من حركة الإبل فتتفاعل في عقلك مسائل البيئة والطبيعة، إلى غير ذلك من الاصطلاحات السيكولوجية المستحدثة. فالرجز من أوتاد وأسباب كغيره من أوزان العرب التي تدور كلها على "كم" المقاطع الطويلة والقصيرة، وعلى هذا لا يكون حظه في شبه حركة الإبل أكثر من حظها. ولعلما يكون حظ الخبب - والخبب من أسماء المشيات التي تمشيها الإبل - أوفر منه.

فإذا سلمنا بأن حظ الرجز في الشبه بحركة الإبل، لا يزيد على غيره من الأوزان، أو على الأقل على كثير من الأوزان القصار، لزم أن نسلم بأنه -لطوله- لا بد أن يكون جاء بعد القصادر منها ولا سيما المكونات من مقطع واحد نحو "تن تن تن تن تن" أو مقطع طويل وقصير نحو "تنن تنن". وإنما غر الناس من أمر الرجز أنه صار وزنًا شعبيًا وكثر نظم العرب له في شتى المناسبات فحسبوه لذلك رأس الأوزان وأباها.

والمقصدات من الرجز - نحو الأبيات التي استشهدنا بها من شعر المعري، مما تلتزم القافية في عجزه دون صدره، ليست بكثير. والغالب على الرجز أن تلتزم القافية في كل شطر منه، ويسمى حينئذ مشطورًا، ورأي العلماء أن يعدوا كل شطر من الرجز في هذه الحال بيتًا - وهذا مجرد اصطلاح ليس إلا؛ إذ قل أن تجد شاعرًا جاء بشطر

<<  <  ج: ص:  >  >>