قالت دخلت وما إخالك بارحًا ... إلا وقد أبقيت عار المسند
أي عار الدهر فهذا يدل على أنها عذراء- كعذراء امرئ القيس وسحيم.
وما عدا البارودي رحمه الله أن أضفي لونًا جاهليًا على مغامرة مما أتيح على التوهم أو حقًا في بعض دار الحرب أو السلم، وكأن قوله: «متلثما والسيف يلمع في يدي» كناية ورمز:
فمسحتها حتى اطمأن فؤادها ... فنفيت روعتها برأي محصد
وخرجت اخترق الصفوف إلى العدا ... مثلثما والسيف يلمع في يدي
فلنعم ذاك العيش لو لم ينقضي ... ولنعم هذا العيش لو لم ينفذ
برأي محصد تنظر إلى قول عنترة «وأحفزه بأمر مبرم». وقوله «وخرجت إلخ» يخالف ما قال ابن ربيعة ويؤثر مذهب جميل:
إذا ما رأوني طالعًا من ثنية ... يقولون من هذا وقد عرفوني
وقوله «لو لم ينقضي» فيه إشباع كسرة الضاد لشبه التصريع أو هو تصريع على مذهب من قال:
رأى من رفيقية جفاء وبيعه ... إذا قام يبتاع القلاص ذميم
خليلي حلا واتركا الرحل إنني ... بمهلكة والعاقبات تدور
فبيناه يشري رحله قال قائل ... لمن جمل رخو الملاط نجيب
ذكره الأخفش [القوافي لأبي الحسن الأخفش دمشق ١٣٩٠ هـ س ٤٧] أو أشبه بقول الآخر [نفسه ٥٢]:
إذا نزلت فاجعلاني وسطًا
إني شيخ لا أطيق العندا
لقرب تشابه الحروف. ولعل البارودي لم يقل «لو لم ينقض» ولكن: «لولا ينقضي» وهو أشبه بأسلوبه، وقد يسبق قلم أو يقع من طابع خطأ في مثل هذه الأشياء. والله أعلم.
يرجو الفتى في الدهر طول حياته ... ونعيمه والمرء غير مخلد
هذا كما تقدم محذو على قول الأسود بن يعفر، في رواية من رواه له: -
فإذا وذلك لا مهاه لذكره ... والدهر يعقب صالحًا بفساد
وفي أوله نظر إلى كلمة النمر بن تولب: