وقل عالم أوربي يسلم من روح التعصب العنصري والديني والانطلاق من نقطة دعوى تسليم الناس له بالتفوق، كالذي مر من قول نيكلسون بحسب مقاييس الذوق الأوروبي بمعرض حديثه عن أبي الطيب وعند القوم أمثالها.
هذا ومن أوائل الشعراء الرومانسيين الإفرنج وردزورث Wordsworth، وكان أقرب إلى نموذج الجنتلمان الإنجليزي، وتأثر بروسو في حبه الطبيعة ودعواه التصوف بها، وله كلمات حسان، وربما أدركه الفتور. وشعره من الضرب الغنائي الذي يصوغه ذا موضوع وفكرة كالمقالة الإنشائية، ويضمنه إحساسه الذاتي، ومن أشهر كلماته في هذا المعنى كلمة له عما تشعر به النفس من معاني الخلود تستمده من ذكريات الطفولة الأولى.
ODE ON INTIMATIONS OF IMMORTALITY FROM RECLLECTIONS OF EARLY CHILDHOOD)
وأحسبها كان لها على بعض أوائل الرومانسيين العرب أثر كبير إذ كانت من مقررات المدارس في مختارات الأدب الإنجليزي. واشترك وردزورث في أول أمره مع «صموئيل تيلور كلردج» في إصدار الأغاني الشعبية، ديون شعر دافعًا فيه بما أنشأ وما قدما عن قضية التجديد وكلردج أقوى اندفاعًا وأحر أنفاسًا من ورد زورث إلا أنه قد ابتلى بتخدير الأفيون، فذهب ذلك بملكة شعره، واشتغل بالفلسفة والدين، وله الترجمة الأدبية التي تعد من أهم من أمهات كتب النقد الحديث. ومن أشهر شعره قصة الملاح العجوز، وفيها نغم جيد وأضغاث أوهام. وقطعة عنوانها «قبلاى خان» قيل نظمها دفعة واحدة ثم طرق عليه الباب فانقطع عنه نفس القطعة عند الموضع الذي اتفق مع بلوغه إياه طرق ذلك الطارق. وقيل نظمها تحت تأثير وآخرها كأنه مستعار من ساحرات شكسبير الثلاث في مسرحيته ماكبيث. ومن كبار شعراء الإنجليز الرومانسيين بعد هذين:
ثلاثة متقاربو السن، اللوردبيرون (١٧٨٨ - ١٨٢٤ م) وكان من سفهاء الطبقة العالية متوسط الشعر في نظر النقاد الإنجليز وشيلى (١٧٩٢ - ١٨٢٤) وكان حاد الذكاء ملحدًا في شعره اندفاع، واشتهرت له خاصة بين العرب كلمتاه عن الطائر وعن الريح الغربية، وتحمسه ومده بيديه يعطو ولا ينال من خصائص أسلوبه التي انتقل بعض طابعها إلى مقلديه. وأصغر الثلاثة سنا ولعله أشعرهم «جون كتيس»(١٧٩٥ - ١٨٢١) وقتله السل وكان طبيبًا. وجميع الرومانسيين لآداب الشرق والعربية خاصة أثر بين في ما نظموه. وذلك في «كيتس» أشد ظهورًا وقد استهل كلمته عن البلبل بمطلع نسيبي الروح وذكر فيه الخمر وتعتيقها مع تخير دقيق متذوق لحلاوة الألفاظ، وتعجبني كلمة