صفحة ١٥٠ - إلى ص ١٥٤: «كان الأستاذ خليل مطران بعث بقصيدة دالية إلى محمد بك مسعود بالمؤيد من سقارة على أثر زيارته لأهرامها، جاء في هذه القصيدة عن فرعون:
شاد فأعلى وبنى فوطدا ... لا لعللي ولا له بل للعدا
مستعبدًا أمته في يومه ... مستعبدًا بنيه للعادي غدًا
اطلع صبري على هذه القصيدة التي تؤيد نظرية تخالف نظريته فنظم نونيته قائلاً إن البنايات لم تتم إلا على يد عمال كانوا يطلبون الإتقان الفني إكرامًا للفن لا خوفًا ولا طمعًا. والحقيقة أن صبري راعى في نظريته ما يسمونه بالوجهة التاريخية الوطنية. أما مطران فقد نظر إلى الوجهة العلمية التي يؤيدها التاريخ فإن بناء الأهرام ما كان إلا سخرة أرهقت الملايين من المصريين وأثارت السخط في البلاد مدة قرنين، ونظر أيضًا إلى الوجهة الاجتماعية القديمة، فإن الظلم من شأنه إفساد الأخلاق التي لا تحيا الأمم بدونها. على أن شوقي وفق بين النظريتين بطريقة شعرية فلسفية في قوله:
ولمن هياكل قد علا الباني بها ... بين الثريا والثرى تتنسق
هي من بناء الظلم إلا أنه ... يبيض وجه الظلم منه ويشرق
لم يرهق الأمم الملوك بمثلها ... فخرًا لهم يبقى وذكرًا يعبق
وقد نظم خليل مطران ردًا على قصيدة صبري نونية أخرى لم يسبق نشرها، وكان ذلك أثر مشاهدته بعض الآثار ورؤية تمثال محفوظ لرمسيس الثاني في الأقصر. وفي هذه القصيدة عاد مطران إلى نظريته الأولى لأنه يرى أن المجد لا يمس وأن عظمة مصر باقية سواء أكان أصل البنيان الظلم أم غيره، وأن الفراعنة نهضوا بمصر وإن كان اعتقاد