ومن حذق أبي تمام أنه لم يسرف في الإطالة كما كان يفعل بشار وغيره من المحدثين.
وقد اتبع البحتري نهج أبي تمام في مطريته:
ذات ارتجاز بحنين الرعد
وهي مشهورة ومن المختارات المدرسية.
ومطريات أبي تمام تدخلنا في باب من الرجز أستحسن أن أطلق عليه اسم "رجز الطبيعة". وهو من الشعر الخفيف الذي لا يعدو وصف الأزهار والمواسم كالصيف والخريف. وقد أكثر فيه المحدثون ولا سيما في أخريات القرن الثالث. وفي اليتيمة قطع صالحة منه؛ بعضها في وصف الفصول، وبعضها في صفة الشراب. وقد اختار أبو منصور الثعالبي لأبي فراس الحمداني أبياتًا عدة في جزئه الأول من هذا القبيل (١) ولابن الرومي أراجيز كثيرة في المأكولات كالموز والعنب وما بمجراها. وأبياته الرازقية:
ورازقي مخطف الخصور
مشهورة معروفة. وفيها لفتات بارعة كقوله:"كأنه مخازن البلور"، يعني العنب الرازقي. ولعلك تلاحظ أن هذا التشبيه خارج من الذهن لا من القلب الشاعر الصادق الحرارة - وكذلك أكثر شعر ابن الرومي كما أسلفت.
هذا، والغالب على أراجيز الطبيعة أن تكون مزدوجة الأبيات، أي كل شطرين منها بقافية موحدة، كما في كلمة أبي إسحق الصابي عن الببغاء: