للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلامة الذوق، بحيث أدرك بفطرته أن الرجز لا يصلح إلا للوصف المستخف والترنم، والأشياء التي تجري مجرى الحداء. وقد سمع ابن الأعرابي -وهو من هو في حب القديم والمحافظة على أساليب العرب- قطعة من أرجوزته المطرية المطرية التي يقول فيها (١):

لما بدت للأرض من قريب ... تشوقت لوبلها السكوب

تشوق المريض للطبيب ... وطرب المحب للحبيب

وفرحة الأديب بالأديب ... وخيمت صادقة الشؤبوب

فقام فيها الرعد كالخطيب ... وحنت الريح حنين النيب (٢)

فالشمس ذات حاجب محجوب ... قد غربت في غير ما غروب

الخ

لما سمع ابن الأعرابي هذه الأرجوزة طرب لها، واستكتبها بعض الحاضرين، ثم لم أخبر أنها لأبي تمام قال لكاتبه: "مزق مزق"، وهذا من نادر التعصب.

ودالية أبي تمام:

حماد من نوء له حماد (٣)

لا تقل عن البائية في الجودة، ومما يعجبني فيها قوله:

هدية من صمد جواد ... ليس بمولود ولا ولاد

ممنوعة من حاضر وباد ... حتى تحل في الصعيد الثادي

فهذا من جوهر الرجز.


(١) ديوانه ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٢) في الأصل "النوب" وهذا يعقل، والنيب: هي الإبل المسان.
(٣) ديوانه ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>