للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغير هذه مترجمة من كلمة إفرنجية تدل على العدوان وما أشبه نحو: trespasser- والصواب فذاك متعد أو عاد أو عدو، وما كل غارة بعيب يعاب ولا سيما ذو الحسن إن يقل له إنه يشن على قلوب الناس غارة شعواء فذلك داخل في باب المدح، ولا يخفى أن العقاد يريد بمغير هنا ضربًا من خروج عن القانون.

فقد ترى أن الجند الغريب الذي كان عند شوقي وحافظ طريقة أداء ومحاكاة أساليب قد تسرب عند العقاد إلى نفس متن اللغة- ولعله أن يعتذر معتذر للعقاد أن هذا نظم ثورة شبابه وأنه أقبل من بعد على تجويد المتن وحرص على نقاء العربية- وعسى بعض ذلك.

كانت بداية النهضة والتجديد البعيدة التأثير بمصر. ولا يدفع قولنا هذا ما كان من بوادر السبق في لبنان وغيرها. ولقد كان أحمد فارس الشدياق معاصرًا للبارودي. من حافظ مشابه، كذلك كانت في الزهاوي مشابه من العقاد- المقالة والليركية ونوع من كذ التفكير، موسوعي عند العقاد، ذو معرية عند الزهاوي، من غير سلامة الأسر التي للمعرى، وكبعض الخشونة التي عند العقاد، وقد يضطرب به وزن العروض أحيانًا.

وإنما وقفنا عند العقاد من أجل الديوان وما زعم وزعموا له من التجديد بناء وهدمًا- أما الهدم فالهجوم على شوقي وكان عند الناس أمير الشعراء. وأما البناء فديوان العقاد، وديوان شكري وقد حاول الشعر المرسل ونظمه وسط وقد سبقت منا الإشارة إلى عمله في هذا المضمار. والمازني علم أنه ليس بشاعر حقًا، والعاقل من عرف قدر نفسه.

ثم جاءت أبولو على آثار الديوان، وكل الرومنسية والرومنسيين ويذكر أن أبا شادي أهدى أبولو إلى أمير الشعراء شوقي، ولو قد كان البارودي في مكان شوقي هو المهدي إليه، لكان الأمر إذن كما قال أبو تمام:

وسرت أسوق عير اللؤم حتى ... أنخت الكفر في دار الجهاد

على أن اعتدال شوقي وأصحابه قد كان أقرب إلى معنى دار الجهاد، كما كان المعتصم وجنده الدخيل في باب الخلافة والدولة وتدبير السلطان. وتطرف أبي شادي وأصحابه أقرب إلى إناخة الكفر وسوق عيره، كما كان شأن قتلة المتوكل وسملة عيون الخلفاء وزعزعة هيبتهم من بعده.

وكانت الرومنسية- ونؤثر الآن استعمال هذا اللفظ على الترمنس الذي إنما جئنا به

<<  <  ج: ص:  >  >>