للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

لا قوم أكرم من تميم إذ غدت ... عوذ النساء يسقن كالآجال (١)

على أن جريرًا أصدق في مذهب الرقة من الفرزدق في مذهب الفخامة. إذ الفرزدق ميال إلى الهزل والفكاهة. ولولا أن لي هذين الشاعرين عودة في موضع آخر لأكثرت لك من الاختيار منهما أيها القارئ الكريم. على أني لا أملك إلا أن أنشدك هذه الأبيات من الفرزدق، فإنني أستحسنها جدًا:

تبكي المراغة بالرغام على ابنها ... والناهقات ينحن بالإعوال

قالوا لها احتسبي جريرًا إنه ... أودى الهزبر به أبو الأشبال

ألقى عليه يديه ذو قومية ... ورد فدق مجامع الأوصال (٢)

قد كنت لو نفع النذير نهيته ... ألا يكون فريسة الرئبال

إني رأيتك إذ أبقت فلم تئل ... خيرت نفسك من ثلاث خلال (٣)

بين الرجوع إلى وهي فظيعة ... في فيك مدنية من الآجال (٤)

أو بين حي أبي نعامة هاربًا ... أو اللحاق بطيء الأجبال (٥)

ولقد هممت بقتل نفسك خاليا ... أو الفرار إلى سفين أوال

فالآن يا ركب الجداء هجوتكم ... بهجائكم ومحاسب الأعمال (٦)

وإني لأعجب للفرزدق كيف شبه نفسه بالأسد. وانظر إلى تهويله "ذو قومية" "دق مجامع الأوصال" .. ولا عجب، فقد لقي الرجل الأسد وخاف منه


(١) نفسه ٧٢٥: ٢.
(٢) القومية: القامة والجسم، وعنى بذي القومية: الأسد.
(٣) أبق، من باب سمع وضرب وهرب، وتستعمل للعبيد. لم تئل: لم تنج، الماضي وأل.
(٤) في فيك: يعني قولك "تبت ورجعت".
(٥) حي أبي نعامة يعني أبا نعامة الحي، وهو قطري بن الفجاءة ولم يرد بالحي الحلة.
(٦) ركب الجداء، هجاء، والجداء جمع جدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>