للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سحًا وتسكابا فكل عشية ... يجري عليها الماء لم يتصرم

وخلا الذباب بها فليس ببارح ... غردًا كفعل الشارب المترنم

هزجًا يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم

ومما لاحظته بعد طول استقراء من الاختلاف اللفظي بين طريقتي عنترة ولبيد -لا في شعرهما فحسب- ولكن في شعر من اتبعوهما أيضًا، أن مذهب عنترة يغلب عليه استعمال المصادر الثلاثية من نوع "فَعْل" و"فَعَل"، والصفات الثلاثية من طراز "حسن" و"فرح"، والأفعال التي بمجراها نحو: "ضربا" و"ضربت"، والأسماء التي بمجراها نحو: "نخلة" و"كلم"، وكل ما كان على "فعلة" أو "فَعَل" أو "فَعْل"، وما عليك إلا أن تتأمل أبيات عنترة هذه لتجد مصداق ما أقول. ولا أعني أن أصحاب القوة كلبيد لا يكثرون من نحو هذه الألفاظ ولكنها عند عنترة وأصحابه أكثر.

ومن نظر في شعر جرير والفرزدق من الإسلاميين وجد مصداق ما أقول وما عليه إلا أن يقرأ كلمتي جرير (١):

أهوى أراك برامتين وقودا ... أم بالجنينة من مدافع أودا

و: حي الغداة برامة الأطلالا ... رسمًا تحمله أهله فأحالا (٢)

وكلمتي الفرزدق:

إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتًا دعائمه أعز وأطول (٣)


(١) ديوانه ١٦٩.
(٢) نفسه ٤٤٨.
(٣) ديوانه ٧١٤: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>