إسحق بن مصعب على صلابته طرب لهذا المدح المرقص وأثاب عليه فأجزل. قال أبو عبادة:
في غاية طلبت فقصر دونها ... من رامها فكأنها ما تطلب
كرمًا يرجى فيه ما لا يرتجى ... عظمًا ويوهب فيه ما لا يوهب
أعطى فقيل أحاتم أم خالد ... ووفي فقيل أطلحة أم مصعب
أما حاتم فمعروف، وخالد هو ابن نضلة الأسدي، وكان من السادة الأجواد وطلحة ومصعب من أجداد الممدوح، ولذلك قال:
شيخان قد سفرا لقائم هاشم ... قبل الخلافة وهي بكر تخطب
نقضا برأيهما الذي سدى به ... لبني أمية ذو الكلاع وحوشب
وهذان كانا من علية أصحاب معاوية، ومن سادة اليمن، وكلاهما قتل بصفين.
فهما إذا خذل الخليل خليله ... عضد لملك بني الولي ومنكب
وعلى الأمير أبي الحسين سكينة ... في الروع يسلكها الهزبر الأغلب
ولحربة الإسلام حين يهزها ... هول يهال له النفاق ويرعب
ولا إخالك فاتك أيها القارئ مكان الكلمات الثلاثية من موسيقا البحتري، وأنبهك عليها خاصة فيما يلي:
تلك المحمرة الذين تهافتوا ... فمشرق في غيه ومغرب
والخرمية إذ تجمع منهم ... بحبال قران الحصى والإثلب
جاشوا فذاك الغور منهم سائل ... دفعا وذاك النجد منهم معشب
يتسرعون إلى الحتوف كأنها ... وفر بأرض عدوهم يتنهب