للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ربما كان المقيم -مع إقامته- رفيقًا للسائر ومتصلًا به.

إما انجذبن بنافكم من عبره ... تثنى إليك لفتة من ناظر

بالله قل لي هل تجد هنا إلا نغمًا صافيًا غير مشوب، ولفظًا يصل صليل الحلي في أيدي الغواني، ألا تجد قوله: "والشمس تلمع في جناح الطائر" يبهر أنفاسك وسط هذا النشيد العذب الراقص؟ أم لا تجد قوله "من فضل هلهلة الصباح الغائر" نشوة مثلت لفظًا؟ (١)

واقرأ معي قوله يمدح إسحق بن إبراهيم بن مصعب، وكان حاجب الخليفة، وسيدًا ذا خطر عظيم في دولة المعتصم والواثق بعده (٢):

ورمت بنا سمت العراق أيانق ... سحم الخدود لغامهن الطحلب

من كل طائرة بخمس خوافق ... دعج كما ذعر الظليم المهذب (٣)

ركبوا الفرات إلى الفرات وأملوا ... جذلان يبدع في السماح ويغرب

أتخال أن حجرًا لو حرك بمثل هذا القول ما كان يتحرك؟ إني لأحسب أن


(١) نظر أبو العلاء المعري إلى طيفية البحتري هذه في لاميته المشهورة.
مغاني اللوى من شخصك اليوم أطلال
وذلك من قوله:
صحبت كرانا والركاب سفائن ... كعادك فينا والركائب أجمال
إلى آخر أبياته في الطيف.
(٢) من قصيدته: "عارضنا أصلا فقلنا الربوب" - ديوانه ٦٢: ١.
(٣) عنى بالخوافق الخمس: الكركرة، والأرجل الأربع، وأصل هذا قول العبدي:
كأن مواقع الثفنات منها ... معرس باكرات الورد جون
والمهذب: المسرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>