للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربوا بمدرجة الفناء قبابهم ... من غير أطناب ولا أعماد

ركب أناخوا لا يرجى منهم ... قصد لإتهام ولا إنجاد

كرهوا النزول فأنزلتهم وقعة ... للدهر نازلة بكل مقاد

فتهافتوا عن رحل كل مذلل ... وتطارحوا عن سرج كل جواد (١)

بادون في صور الجميع وإنهم ... متفردون تفرد الآحاد

هذا الكلام حسن جدًا في نعت الموتى، ورنة الحزن فيه جلية واضحة.

مما يطيل الهم أن أمامنا ... طول الطريق وقلة الأزواد

عمري لقد أغمدت منك مهندا في الترب كان ممزق الأغماد

قد كنت أهوى أن أشاطرك الردى ... لكن أراد الله غير مرادي

ولقد كبا طرف الرقاد بناظري ... منذ افتقدت فلا لعًا لرقادي

ثكلتك أرض لم تلد لك ثانيًا ... أني ومثلك معوز الميلاد

من للبلاغة والفصاحة إن همى ... ذاك الغمام وعب ذاك الوادي

من للملوك يحز في أعناقها ... بظبا من القول البليغ حداد

أما الدموع عليك غير بخيلة ... والقلب بالسلوان غير جواد (٢)

سودت ما بين الفضاء وناظري ... وغسلت من عيني كل سواد

ري الخدود من المدامع شاهد ... أن القلوب من الغليل صواد

يا ليت أني ما اقتنيتك صاحبًا ... كم قنية جلبت أسى لفؤادي

لا تطلبي يا نفس خلا بعده ... فلمثله أعيا على المقتاد

ما مطعم الدنيا بحلو بعده ... أبدًا ولا ماء الحيا ببراد (٣)


(١) عن رحل كل جمل مذلل: أي مخيس مؤدب.
(٢) الوجه: أما الدموع عليك فغير بخيلة، ولكن الوزن لم يمكنه من الفاء.
(٣) يعني ببارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>