للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الإجادة تغلب عليه في كل ذلك، إلا أنه ربما مزج أسلوبه باصطناع الحكمة وإرسال الأمثال، وهذا فن لم يكن يحسنه؛ مثال ذلك قوله في قصيدة المختار:

إن الشجاعة أن تموت من الظما ... ليس الشجاعة أن تعب الماء

وهذا بيت يكاد لا يكون له معنى، ومثال آخر:

صور العمي شتى وأقبحها إذا ... نظرت بغير عيونهن الهام

وماذا إذا نظرن بقلوبهن وعقولهن؟

وهذا مما يؤخذ عليه، إلا أن إحسانه إلى جانبه عظيم جداً. والمأثورات من كاملياته كثيرة. وما يشكر عليه المدرسون أن طلبة المدارس يعرفون عدداً صالحاً منها) (١). ولكنها تتفاوت في الجودة، وهذا أمر قلما ينبه عليه المدرس. وفيها روائع بالغة في الحسن، لو عدت مائتان من كامليات الإسلاميين لم تعد أن تعد فيها (٢). من ذلك ميميته في أدرنة عندما أغار عليها البلغار في حرب? ? ? ? ، وانتزعوها من العثمانيين، فهي من أجود شعر شوقي؛ وقافيته في النيل فهي قصيدة فخمة ضخمة من عيون النظم الإسلامي. وكاملياته الأخر دون ذلك على تفاوت بينها. فنونيته في رثاء مصطفى كامل مثلاً من أدناها مرتبة. وهمزيته في المختار، مع إعجاب الناس بها، شيء بين بين. وكذلك كافياته التي حاكى بها ابن هانئ والشريف. وقصدنا هنا تتبع المحاسن لا المساوئ. وبحسبي أن أعرض على القارئ قصيدتيه اللتين تحدثت عنها هنا عرضاً سريعاً. قال في أمر أدرنة:

يا أخت أندلس عليك سلام ... هوت الخلافة عنك والإسلام

نزل الهلال من السماء فليتها ... طويت وعم العالمين ظلام


(١) كانوا يعرفون، فقد تغيرت الحال.
(٢) ينبغي أن نقول ألفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>