فبالسيف يؤخذ» وقد قالها المسيح صادقاً فجاءت قوية. ومن أراد أن يقول شيئاً في هذا الباب بعد المسيح فليأت بكلام أقوى من كلامه أو ليعكسه عليه بمثل قوته كما فعل أبو الطيب إذ يقول:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
ومن حكم شوقي الباردة في هذه القصيدة قوله:
ودوا التفاخر بالتراث وإن غلا ... فالمجد كسب والزمان عصام
وإنما أراد «والماجد عصام»، وحتى لو كان تيسر له ذلك فليس في المعنى من طائل. ومنها قوله:
يحصي الذليل مدى مطالبه ولا ... يحصي مدى المستقبل المقدام
وهذا كلام لامنة فيه على تقدير تسليمه. على أن الذليل لو أحصى مطالبه ما كان ليذل. والوجه ما قاله أبو الطيب:
والذي يظهر في الذليل مودة ... وأود منه لمن يود الأرقم
إذ الذليل انتهازي (بلغة العصر) كأسوأ ما يكون الانتهازيون، ولا يقعد ليفكر ماذا يطلب من الدنيا.
ومنها قوله:
ومن البهائم مشبع ومدلل ... ومن الحرير شكيمة ولجام
والقضيتان إن صح تواصلهما ليستا بشيء. على أن أخراهما لا تنبني على الأولى ولا تترتب عليها بحال. إذ كثير من الأكلب المدللة التي تباهى بها السيدات لا تفضل -لو جاز لها أن تختار- أن تفر إلى الغابة.