للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجتابه شجر كالبرو ... ج تحسبه من بياض جمادا (١)

فهلا ذكرت وأنت الغر ... يب تلك الفجاج الرحاب البعادا (٢)

بها سلم وصغار السيا ... ل والسدر مفترقات فرادى (٣)

وتلفي بها عشراً شاحباً ... إذا زالت الشمس أوي الجرادا (٤)

وكثبان رمل كسين السرا ... ب قد وقدت للهجير اتقادا

وقد سطع النيل من بينهن ... سيفاً محلى فصوصاً جياداً

حواليه عيدانه السامقات ... وتلك السواقي طراباً غرادا (٥)

وتصبغ عند جنوح الأصيل ... حتى كأن عليها جسادا

يرقنها شفق قانئ ... إذا ما المؤذن نادي العبادا (٦)

والشاعر الذي لا يشق غباره في بحر المتقارب من الجاهليين هو أعشى بكر الكبير، فقد كان يكثر من النظم فيه. وكان هذا الوزن يلائمه حق الملاءمة، إذ كان يسلك به مسلك القصاص والمغنين، فيكرر، ويسرد، ويحسن الإطناب، ومزاوجة


(١) يجتابه: يلبسه. كالبروج: لعلوه وضخامته. من بياض: بياض الثلج عليه.
(٢) أعني فجاج السودان.
(٣) السلم: ضرب من العضاه تضرب أغصانه إلى الحمرة ويكثر في السودان ولا يطول. والسيال من العضاه أيضاً وينبت كالشمسية. والسدر: هو شجر النبق وثمره حسن، وهو ظليل إذا طال ونما. وهذه الأشجار تنمو متفرقة لقلة المطر وصحراوية الأرض.
(٤) العشر: شجر خوار له ورق تخين عريض إذا خدش أخرج اللبن، وله نفاخات تتطاير مع الريح ويطول ويضخم في البلاد الخصيبة كمنطقة كسلا، وتصنع من خشبه الألواح، ويزعم الناس أن لوح العشر سريع في تحفيظ القرآن، وفي سائر السودان لا يصلح إلا للوقود لصغر شجيرته، ويظن أن دخانه ينفع من الزكام. ووجوده بالأرض يدل على صلاحيتها للزراعة. ويأوي إليه جراد ضخم شديد الخضرة في الصيف، والعشر دائم الخضرة، ولكن خشبه تكسوه طبقة هشة ذات تشاعيب كأرجل النعام، وتعلو أوراقه غبرة وبياض فهذا شحو به.
(٥) العيدانة بتسكين الياء وفتح العين: النخلة الطويلة، وجمعها بإسقاط التاء.
(٦) الترقين: هو أن تصبغ الشيء بالزعفران. والجساد: الزعفران.

<<  <  ج: ص:  >  >>