للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألسنا أكثر الثقلين رجلاً ... ببطن مني وأعظمه قبابا (١)

وأجدر إن تجاسر ثم نادى ... بدعوة يال خندف أن يجابا

هذا من الأبيات التي أوردها الشاعر لتلقى دفعة واحدة، وكأنه -مع ما كان يقصد إليه من التنويع الموسيقي- كان يريد من مثل هذه الأبيات أن تفصل بين غرض وغرض وأداء وأداء. وكثيرًا ما نجده ينتقل بأمثالها من أداء خطابي إلى آخر خيالي، ومن مجرد البلاغة، إلى بحبوحة الشعر- وانظر في الأبيات التي تلي ما قدمناه:

لنا البطحاء تفعمها السواقي ... ولم يك سيل أوديتي شعابا

فما أنتم إذا عدلت قرومي ... شقاشقها وهافتت اللعابا (٢)

تأمل هذه الصورة- صورة الجمال المصاعب أزبدت وأخرجت شقاشقها وهدرت

تنحٌ فإن بحري خندفي ... ترى في موج جريته حبابا

بموجٍ كالجبال فإن ترمه ... تُغرق ثم يرم بك الجنابا

ثم عدل جرير عن هذه الصور المهولة إلى الغناء الطليق العنان، وتعداد المآثر:

علوت عليك ذروة خندفي ... ترى من دونها رتبا صعابا (٣)

له حوض النبي وساقياه ... ومن ورث النبوة والكتابا


(١) أعظمه، الضمير يعود على النقلين، وكأنه أعاده إلى معنى النقلين وهو الخلق، ومثل هذا التعبير كثير في الكلام القديم، تقول: هو أفضل الناس وأكرمه.
(٢) القروم: فحولة الإبل.
(٣) خندف: هي أم كنانة وهذيل وتميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>