للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أن رأيت ابني شميط ... بسكة تغلبٍ والباب دوني

تجللت العصا وعلمت أني ... رهين مخيسٍ إن أدركوني

العصا: فرسه، ومخيس: سجن عليّ.

ولو أني لبثت لهم قليلاً ... لجروني إلى شيخ بطين

شديد مجامع الأكتاف باقٍ ... على الحدثان مختلف الشئون

وهذه الأبيات على قلتها قد جمعت من فنون الأداء في الوافر ضروبًا في الإحسان. البيت الأول كله دفعة واحدة. والثاني قريب منه، ويدخله الإطناب في قوله «إن أدركوني». والبيت الثالث يأخذ الشرط فيه شطرًا والجزاء شطرًا، والبيت الرابع مقسم. فانظر إلى هذا التدرج ولا يغب عنك مكان «النكتة» في البيت الثالث.

ومن القطع الحسنة في الوافر قول الحماسي:

فدت نفسي وما ملكت يميني ... فوارس صدقت فيهم ظنوني

هم منعوا حنى الوقبي بضربٍ ... يقرّن بين أشتات المنون

ولا يجزون من حسنٍ بسي ... ولا يجزون من غلظ بلين

ولا يرعون أكناف الهويني ... إذا حلوا ولا أرض الهدون

ومما يجري مجرى القطع في هذا الباب ما أجمع النقاد على اختياره من كلمة المثقب النونية - «أفاطم قبل بينك متعيني» - في وصف الناقة. وقد قال أبو عبيد البكري في سمط اللآلي إن المثقب خرج في هذه الأبيات من الوصف إلى المناجاة. وقد أحسن أبو عبيد في قوله هذا جدًا. والأبيات هي (١):


(١) من المفضليات.

<<  <  ج: ص:  >  >>