للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومًا بأجود منه سيب نافلة ... ولا يحول عطاء اليوم دون غد (١)

وانظر إلى قول كعب بن زهير:

نُبت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وقد كثرت في الأقاويل

وقد أقوم مقامًا لو يقوم به ... يرى ويسمع ما قد أسمع، الفيل (٢)

لظل يُرعد إلا أن يكون له ... من الرسول بإذن الله تنويل

وهذا من أبلغ ما قيل في تصوير المهابة. وهل أدل على الهيبة من أن يرتعد الفيل؟ ثم قال كعب يمدح:

إن الرسول لسيف يُستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول (٣)

في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا

زالوا فما زال أنكاس ولا كُشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل (٤)

فهاتان الكلمتان، كلمة النابغة وكلمة كعب، فيهما إلحاح شديد، وعامل الخوف ظاهر الوضوح في كليهما.

هذا، وإذا كان المدح خالصًا لا يراد به اعتذار أو شيء من ذلك النحو، رأيت الفخامة وعنصر القوة يغلب عليه، كما في قافية زهير:


(١) النافلة: العطاء.
(٢) الفيل: فاعل يقوم التي بعد لو.
(٣) كانت العرب عند الدعوة إلى الحرب ربما تنصب سيفًا أمام نار، فيبرق، فيرى ضوؤه من بعيد. وقوله من سيوف الله: تأكيد للمدح.
(٤) النكس: هو الخسيس. والأكشف والأميل والأعزل، كلها من صفات الضعف والاضطراب في الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>