للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه ... هم يكاد شباه يفصم الضلعا

ما انفك يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متبعًا طورًا ومُتبعًا

حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكم الرأي لا قحمًا ولا ضرعًا (١)

كمالك بن قنان أو كصاحبه ... عمرو القنا يوم لاقى الحارثين معًا (٢)

هذا كتابي إليكم والنذير لكم ... لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا

وقد استشهد الحجاج بن يوسف بالأبيات الأخيرة من «وقلدوا» - يصف بذلك المهلب حين بلغه إيقاعه بالخوارج.

وموضع القوة من هذا الكلام لا يحتاج إلى تدليل.

ومن قصائد الشكوى البارعة التي جاءت في البسيط رائية عمرو بن أحمر الباهلي «في جمهرة الأشعار» وهي في وصف ظلم السعاة وجورهم؛ وحذوها احتذى الراعي في لاميته الكاملية التي تقدم ذكرها. ومن مشهور ما قيل في شكوى الدهر وآلامه لامية الطغرائي المعروفة بلامية العجم. والشعور بالحسرة والمرارة وحيف الأيام، كل ذلك ينضح من أبياتها ويرشح رشحًا، وما يخلو دهر من العصور التي جاءت بعده من أديب يمتثل بقوله:

ما كنت آمل أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل

تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل

فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل

وهذا عين الضجر، وهل حادث الدهر الذي يغني عن الحيل إلا الموت نفسه؟


(١) القحم: هو الكبير الفاني. والضرع: هو الضعيف.
(٢) يظهر أن هذا البيت إسلامي أضيف خطأ إلى القصيدة، إذ لم يرد ذكر عمرو القنا بين فرسان الجاهلية، وهو معروف بين فرسان الخوارج، ولعل أحد الحارثين حارثة بن بدر الغداني، والآخر القباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>