مالنزيا وجنوب الباسفيك، شطحات شبيهة بشطحات أبي حامد الأسفرايينى في معرض تعيين مواقيت الإمساك عن العلاقات الجنسية في شهر رمضان.
والحق أن محل تصريح بالألفاظ الجنسية وما إليها، لا هو الفقه، ولا هو علوم النظر، لأن هذه جميعًا تحاول علاج الأشياء من ناحية موضوعية، واتخاذها مجاًلا للتنفيس عن هذا العبث الإنساني، يفسد موضوعيتها إلى حد كبير. وقد خطا الطب والبيولوجيا -عن طريق المصطلحات الجافة- خطوات نحو التحرر من هذه الذاتية العابثة. ولا بد أن تلحق بهما الأنثروبولوجيا وعلوم الاجتماع، إذ لا يستغنى علم حديث عن المصطلحات. فإن فعلت كل هذه ذلك، فإن من المؤسف حقًا أن يفتح الناس بابًا علميًا آخر ليتخذوه مجالا للعبث، ريثما ينضج ويكتمل، أو يذوى ويموت. ذلك بأن الموضع اللائق حقًا للتصريح بالألفاظ الجنسية ونحوها، هو مجال الأدب بفرعيه: الشعر والنثر. وما زال تدخل العامل الأخلاقي، أو النفاق الاجتماعي منذ زمن بعيد (قد زاد سطوته في عصرنا الحاضر) يحد من حرية الأدب في هذا المضمار، ويجبره على الثورة وآنًا تكون ثورته من النوع الفاسق المخمور، كما في شعر أبو نواس، وآنًا من النوع الضاحك المستهتر إلى درجة الكلبية، كما في شعر ابن حجاج وابن سكرة، وقد تكون من الضرب الحانق المعقد ساخر الملتوى، كما في أدب د. هـ. لورنس، أو المسلي المتخابث، كما في قصص ألف ليلة وليلة وأساطير شوسير. ومن الأنصاف لمؤلفي ألف ليلة وليلة ولشوسير وبو كاشيو وصاحب والأغاني، أن نقول: إن صراحتهم ليس فيها عنصر التحدي والشذوذ، الذي نجده عند أبي نواس وبشار وابن حجاج ود. هـ. لورنس وبعض المعاصرين، وإنما قد أطلقوا أقلامهم في غير ما خوف ولا وجل ولا طلب لتحدي الشعور الأخلاقي والمقاييس الاجتماعية. والفضل في ذلك يرجع إلى أنهم لم يعيشوا في بيئة القرن العشرين المعقدة، ولا بيئة القرن التاسع عشر الأوربية، كما يرجع إلي صفاء نفوسهم وانبساطها.