والكحل، ووشم الخدود بالخضرة، وثقب الآذان، وتضخيم الشفاه، وغير ذلك من ضروب التشوية التي تسمي زينة وتجميلا. إن الناس ينفسون على الجميل جماله، وعلى (الممتاز امتيازه). ومن أجل هذا فهم يحتالون على المساواة بشتى الطرق. ولعل التجميل التقليدي، الذي يرثه مولود عن والد، وجيل، وتختلسه أمة عن أمة، ويحاكي فيه شعب شعبا، من اخطر ما عثرت عليه البشرية من أسلحة المساواة.
هذا، ونعود الآن إلى ما كنا فيه.
والسبيل الثانية فيها تكلف شديد. لأن معرفة الأذواق و"المودات" القديمة تتطلب أمرين:
أولا: تحليل المادة التي بأيدينا من أدب القدماء، وعمل قوائم "بالكليشيهات" التي كانت تغلب في هذا العصر أو ذاك -وهذا أمر ممكن مع بذل الجهد الجهيد- أقول: ممكن من وجهه النظر الدراسية البحتة، إلا أنه لابد من التنبيه على أن ظروف الحياة في بلادنا لا تمكن من هذا النوع من الدراسات، الذي يحتاج قبل كل شيء الى التوفر والتجرد والمعونة المالية من الدولة أو الهيئات العلمية.
وثانيا: معرفة آراء القدماء وأحكامهم على تلك "الكلشيهات" التي سنحصل عليها بعد تحليل المادة، وعلى ما بمجراها من أساليب التعبير. وهذا أمر في غاية الصعوبة، وهو الى الاستحالة أقرب، لأنه ليس بأيدينا نبراس يكشف لنا عن آراء القدماء وأحكامهم، اللهم إلا نتفا ولمعا ضئيلة. ولا يمكن إصدار الأحكام العامة من جهتنا في ضوء اللمع الضئيلة، والنتف المبعثرة، وعلى هذا فسيكون عمدتنا التخمين والحدس ومهما صدقنا في ذلك، فإننا لا نحصل على نتائج وافية شافية.
وإذن فيلزمنا أن نمزج بين السبيلين، الأولي والثانية، وذلك بأن نجعل طلب