للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاحظ، في وصف المطر، اتبع فيها طريقة أزوس بن حجر، ومنها:

ألم تأرق لضوء البرْ ... ق في أسحم لماحِ (١)

كأعناق نسا الهنـ ... ـد قد شيبت بأوضاح (٢)

تؤام الودق كالزاحـ ... ـف يزجى خلف أطلاح (٣)

ثقال المشيِ كالسكرا ... ن يمشي مشية الصاحي

كأن العازف الجني ... أو أصوات أنواح (٤)

علي أرجائه الغر ... تُهديها بمصباح (٥)

وحائيات المحدثين لا تحصى عددًا. والغث فيها كثير، والجيد عزيز. وفي الحماسة منها مقطوعة حسنة لمطيع بن إياس (في باب المراثي) مطلعها:

قلت لحنانة دلوح ... تسح من وابل سحوح

ولأبي نواس حائية مشهورة مطلعها:

ذكر الصبوح بسحرةٍ فارتاحا ... وأمله ديك الصباح صياحا

وعند أنها ليست من روائعه، وإن كانت حسنة في بابها، ويعجبني منها قوله:

قال ابغني المصباح قلت له اتئد ... حسبي وحسبك ضوءُها مصباحا


(١) الحيوان (تحقيق عبد السلام هرون) ٦ - ١٣٦.
(٢) الأسحم: هو الأسود، عني بع السحاب.
(٣) هذا تشبيه دقيق جدًا، فنساء الهند تغلب عليهم الخضرة، والوضح، البياض، وبعض الناس قد لا يعجبه هذا التشبيه، لمكان ذكر الأوضاح فيه، وهذا عندي تنطس. والأوضاح الحلي من الذهب.
(٤) أي ينزل قطره اثنين اثنين، أو حجم القطرة منه محجم القطرتين من غيره والزاحف: البعير الزاحف من التعب. والاطلاح: جمع طليح: وهو البعير المهزول.
(٥) الأنواح: جمع نوح، بفتح فسكون، وهن النساء النائحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>