للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمثيل به في هذا الباب قول الآخر (١):

ألا إبلغ أبا حفص رسولا ... فدى لك من أخي ثقة إزاري (٢)

قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار (٣)

لمن قلص تركن معقلات ... قفا سلع بمختلف البحار (٤)

يعقلهم جعدة من سليم ... وبئس معقل الذود الطواري (٥)

يعقلهن أبيض شيظمي ... معر يبتغي بسط العرار (٦)

فتكرار القلائص وتكرار ذكر التعقيل، كل هذا أراد به الشاعر أن يقرر معنى العبث الذي كان يعبثه جعدة من سليم، بنساء الأجناد الذين شغلتهم الفتوح، وحصار العدو.

ومن أمثلة التكرار التفصيلي الملحوظ قول المتنبي:

لم يسلم الكر في للأعقاب مهجته ... إن كان أسلمها الأصحاب والشيع

فالأصحاب والشيع، متقاربتا المعنى، وأريد بهما إظهار شجاعة سيف الدولة،


(١) معجم الأدباء ١: ٨٣ - وخبر الأبيات أورده يا قوت كاملا، قال: "كان رجل بالمدينة من بني سليم يقال له جعدة، كان يتحدث إليه النساء بظهر المدينة، فيأخذ المرأة، فيعقلها إلى الحيطان، ويثبت العقال، فإذا أرادت أن تثب، سقطت وتكشفت، فبلغ ذلك قوما في بعض المغازي، فكتب رجل منهم إلى عمر -رضي الله عنه- بهذه الأبيات (انظر أعلاه). فلما قرأ عمر الأبيات قال: على "بجعدة من سليم". فأتوه به. فكان سعيد يقول: إني لفي الأغيلمة إذ جروا جعدة إلى عمر. فلما رآه قال: أشهد أنك شيظمي كما وصفت، فضربه مئة، ونفاه إلى عمان. اهـ.
(٢) عني بأبي حفص، عمر. وقوله: فدى لك إزاري: أي تفديك نفسي.
(٣) كني بالقلائص عن الزوجات، والقلوص: هي الشابة من الإبل.
(٤) البحار: عنى بها ما خلف المدينة من المياه والمجاري والبلاد.
(٥) الطواري: أي الطارئات.
(٦) معر: أي صاحب شر ومعرة يريد بسطها.

<<  <  ج: ص:  >  >>